تصور قادة حماس الحاليين عن الحل النهائى الفلسطينى يتسم بالبؤس الشديد، فالقادة الحاليون الذى ذاقوا نعيم السلطة وقبضوا ملايين الدولارات من مختلف أنظمة المنطقة دخلت مباشرة فى حساباتهم السرية، هؤلاء لا يطلبون مقاومة للاحتلال ولا يتذكرون عبارة «كامل التراب الوطنى» أو مفتاح البيت فى القدس، أو حتى الأراضى المحتلة بعد 5 يونيو 1967، فضلا عن أنهم لا يريدون أى منغصات لعيشتهم الرغدة. كل ما يطلبه أشاوس حماس الذين يحكون بالزور طوال الوقت عن بطولاتهم فى مواجهة الاحتلال، هو أطول فترة ممكنة من «السلام المذل»، أو ما يسمونه هم بالهدنة الطويلة 5 سنوات أو عشر، تتلوها هدنة أطول طالما هم متنعمون فى الليل وتجار شعارات يخادعون أبناء الشعب الفلسطينى فى النهار.
من جانبها، لا تريد أى من حكومات إسرائيل الاستعمارية المتعاقبة شريكا أفضل من ذلك، فعلى مستوى العالم هو مدموغ بالتطرف والإرهاب ومعزول، وعلى مستوى المنطقة يقدم نفسه كمنظمة من منظمات الأمن السرية يقوم بالعمليات لصالح من يدفع من الدول، وعلى مستوى العلاقات الثنائية مع تل أبيب، تلتقى المصالح لدرجة التطابق.
فإذا كان أشاوس الحركة لايريدون إزعاجا من طائرات إسرائيل أو فصائل الاغتيالات «المستعربين»، ولا يطلبون أكثر من ممر بحرى للتجارة مع قبرص وميناء للصيد وفرصة للبزنس والتبادل التجارو «تقليب العيش»، فإن نتانياهو ومساعديه أيضا لا يريدون إزعاج الصواريخ للمستوطنين إلا عندما يطلبونها فى مواسم الانتخابات أو عندما تنهار شعبية «بيبى»، فيكون التلويح بالحرب الخيار المرعب للإسرائيليين الذين يصوتون لـ «بيبى» الأكثر تطرفا وانتهازية بين قادة تل أبيب الحاليين، غير ذلك فهم يطلبون الهدنة الطويلة تماما مثل أشاوس الحركة حتى تكتمل منظومة تهويد القدس والضفة الغربية وسائر الأراضى المحتلة بعد 1967.
بؤس القادة الحاليين لحماس أنهم يحاولون إضفاء معنى ما على مجموعة التنازلات المهينة التى يقدمونها طوعا من أجل الاستمرار فى سلطة لا تحمل من معالم السلطة شيئا إلا إذلال أبناء الشعب الفلسطينى المحاصرين فى القطاع، وكلما قدموا قائمة مطالب حتى تتحقق الهدنة التى يطلبون عقدها مع إسرائيل، انكشف قبح جريمتهم فى التحول من مواجهة المشروع الصهيونى الاستيطانى التهويدى إلى العمل على إنجاحه وإتمامه بتغليب المصالح الشخصية على المصلحة الوطنية العليا، أو كما يسميه أى إنسان عاقل بـ«الخيانة».