عشت شاهدا على محطات قطار الصحافة.. فلم أتخيل تحطيمه على يد كل من رفعوا رايات النضال لأجل تجديده.. فهذا رئيس المجلس الأعلى للصحافة - جلال عارف - الذى صدعنا مناضلا، ضد الجمع بين منصبى رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير.. يقرر حذف تاريخه ونضاله ونتائج معارك دموع الصحفيين، رغم أن المكسب كان قد تحقق قبل ثورة «25 يناير».. وذاك الأمين العام للمجلس - صلاح عيسى - الذى رأيته مضربا عن الطعام، وشاكيا.. باكيا.. لأنه مفصول.. يتابع الآن عشرات المفصولين دون تدخل حاسم.. وغيره من قيادات هذا المجلس، الرافضين مغادرة مقاعد اغتصبوها بإرادتنا - نحن معشر الصحفيين - وبمباركتنا.. فإذا بصدمتنا فيهم مروعة.
الذين صدعونا بالبحث عن مستقبل المهنة، يدمرونها مع سبق الإصرار والترصد للحد الذى يفرض على كل من يملك ضميرا.. ضرورة إعلان الترحم على أيام صفوت الشريف وكنا نراه مفسدا - وهو كذلك - وكنا نراه عبدا للكرسى - وهو كذلك - لكن أداءه كان أفضل بعشرات المرات من المناضلين الذين ساهموا فى إذلال وإهانة زملائهم وأساتذتهم.. ورغم احترامى وتقديرى للزميل «يحيى قلاش» فإنه خذلنى مع غيرى من شباب وكبار أبناء صاحبة الجلالة.. لذلك لا آسف على ابتعادى عن المهنة وعن مؤسسة «الأهرام» العريقة التى يمعن فى إهانتها أولئك الصغار الذين يقومون على إدارتها.. فلو كان سليم وبشارة تقلا يعلمان أنها يمكن أن تهوى لهذا الحد، ما أقدموا على تأسيسها.. وظنى أن العظام فى التراب للمئات من أصحاب القامات الرفيعة، تنزف ألما وحزنا وكمدا على ما آلت إليه أعرق المؤسسات العربية وعبث الصغار بحاضرها ومستقبلها.. ليست تلك فقط تهمتهم، لكن الماضى أيضا أهانوه!!
ذلك يحدث فى معظم المؤسسات الصحفية.. لكن حالة «الأهرام» وتدهورها ستبقى دموعا على وجنتى كل من عمل بها.. وبعضهم ينزف دما قبل الدموع، حزنا على عشرات السنين، من التاريخ والمجد يتم حرقها كقش الأرز.. فلا يصدر عن المؤسسة غير «سحابة سوداء» تخنق الصحافة والصحفيين والمجلس الذى كان أعلى للصحافة!! ولا عزاء لكل من أسهم فى محاولة اغتيال «الأهرام»!!