ضابط الشرطة فى قلب الحريق
دخل العقيد ياسر حسن عصر، مأمور محطة سكك حديد الضواحى فى قلب الحريق الذى نشب بالقطار رقم 1551 - القاهرة طنطا ليطفئ النيران بنفسه يوم الخميس الماضى، لم ينتظر أى تحرك من أى شخص، فالانتظار كان سيعنى عشرات الضحايا.
ياسر حسن عصر هو ابن ضميره أولا، وابن مهنته بأصولها الصحيحة، هو ضابط الشرطة الذى نضرب به المثل فى القدوة والفداء، هو أيقونة صفحات نشطاء على الـ«فيس بوك» يوم الخميس الماضى بصورته التى يظهر فيها بملابسه وعليها آثار موقعته الفدائية فى مقاومة الخطر، هو ابن قرية مشتهر مركز طوخ محافظة القليوبية التى تجاور قريتى، ومشتهر بلد الشهداء والنضال والعلم والحضارة، وقبل شهور قدمت شهيدها نقيب القوات المسلحة محمد جمال الأكشر والذى راح ضحية الإرهاب الأسود، وها هى تواصل تقديم أبطالها وآخرهم العقيد ياسر حسن عصر، والذى تلقيت رسالة حول ما فعله من بلدياته المحامى محمود الزهيرى، المحامى بالنقض والمحكمة الإدارية العليا والدستورية العليا، يقول فيها:
إلى قرية مشتهر، قرية الأبطال الثوار النجباء المناضلين من أجل الإنسان، ينتمى هذا البطل الذى نتشرف به، وبموقفه الإنسانى البطولى برمزية الفداء والتضحية، إنه العقيد ياسر حسن عصر، مأمور قسم شرطة ضواحى السكة الحديد بمحطة مصر، برمزية النبل والشهامة والرجولة بمعناها الإنسانى، أنقذ جميع ركاب القطار من أبناء مصر الطيبين المكافحين الذين اعتادوا على استخدام القطار وسيلة مواصلاتهم اليومية فى الذهاب والإياب، دعمًا للاقتصاد الأسرى المأزوم بفواتير المواصلات اليومية ليوفروا فارق الثمن لسداد العجز فى جوانب أخرى من تكاليف الحياة، من أجل هؤلاء وهؤلاء كان الموقف البطولى الرائع للعقيد ياسر حسن عصر الذى آل على نفسه ولم يتذكر لبرهة أنه عقيد بالشرطة، وأنه يأمر ليتم نفاذ الأمر ممن تحت سلطته، وتناسى أنه القائد وأن الزى الرسمى بوقاره وهيبته لن يكون عائقا فى أداء رسالة إنسانية عظيمة خارج إطار العمل المنوط به، فما كان عليه إلا أن يتصل بالدفاع المدنى المنوط بهم وظيفيًا بإطفاء الحرائق، وبالرغم من اتصاله خلال أقل من 60 ثانية، فإنه قام بنفسه بإطفاء الحريق الذى شب بالقطار هو ورجاله الأبطال، ليعطى درسًا بلا أجر، درسا كان من الممكن أن يكلفه حياته وحياة من معه، أو يكلفه الكثير من آلام الحريق والتشويه الجسدى أو الإعاقة والعجز، تناسى العقيد ياسر كل هذه المخاوف وآثر حياة المواطنين المصريين الطيبين الكادحين على حياته، وهو كأنما أحيا الناس جميعًا من ركاب القطار، وفى هذا الموقف البطولى الإنسانى الخارج عن دائرة الإطار الوظيفى المكلف به، وهذا الدرس لبعض من رجال الشرطة الذين صاروا يولدون الكراهية والغضب والسخط على جهازهم بسبب ممارستهم الخاطئة فى حق المواطنين، والتى وصلت أحيانا إلى إزهاق الأرواح داخل أقسام البوليس، فلعل مثل هذه الدروس التى أعطاها العقيد ياسر حسن عصر، تكون بمثابة غسل لبعض الوجوه الكريهة من رجال الشرطة حتى يعودوا إلى رشدهم ويعملوا من أجل حياة وحرية وكرامة المواطنين المصريين، هذا الدرس البطولى العظيم بإنسانيته العالية للعقيد ياسر حسن عصر سيذكره التاريخ له ولكل من تأسى به على مدار تاريخ الشرطة المصرية، ولا نمتلك إلا أن نسجل أسمى آيات العرفان بأدوار الأبطال المغاوير من رجال الشرطة المصرية الذين يمسحون بصمات العار من صفحات الشرف والعزة والكرامة.
دمت كما أنت برمزية البطولة والشهامة والمروءة الإنسانية.
دمت أنت برمزية الفداء والتضحية من أجل المواطنين ومن أجل الوطن.
دمت لنا ولوطننا ولأمتنا المصرية رمزًا من رموز الشرطة المصرية فى البطولة والتضحية والفداء.
محمود الزهيرى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
miii
مصرى اصيل
ملون تحيه للعقيد المحترم ..