يبدى البعض دهشته من تصرفات أو استعراضات السياسة بالبرلمان، أو حركات التوك شو والتركيز على اللافت وما هو مضحك، بينما الدهشة، هل هو انعكاس للواقع أم أنه انتقاء بحثا عن مشاهدة. ولا شك من المدهشات أن يكون الجدل الدائر عالميا حول ما إذا كانت قنبلة كوريا الشمالية الهيدروجينية حقيقة أم مبالغة، مع شعور متناقض وكوميدى أمام أنباء عن مخاوف وصراعات وبيانات ينشغل العالم بقنبلة هيدروجينية، وننشغل بحرائق اشعلتها العفاريت فى الشرقية. وهل يمكن أن ينتقل لعب العفاريت إلى مفاتيح الأسلحة النووية.
خلال الأسبوع الماضى احتل النووى والهيدروجينى نقاشات العالم.. واحتل الجن ومدعو النبوة مساحات واسعة من اهتماماتنا، ووصل الجدال إلى تبنى نظريات « عفاريتى» لتفسير ما نواجهه. لم يهتم أحد من المسؤولين باستدعاء خبراء وعلماء، للبحث عن تفسيرات منطقية للحرائق، واحتمالات وجود صراعات أو خلافات أو مصالح وراء الحرائق.
تم استدعاء خبير «عفاريت» ليقدم عروضه ويعلن عن نظريات البيوت المسكونة، والجن الذى يركب البنى آدم، ويشعل الحرائق، والجن اللابس من الملبوس، ليعود إلى الأضواء ونعود نحن للعفاريت. وفى نفس التوقيت تقريبا ظهر مدعى نبوة جديد يقدم عرضا فرديا، ولهذا تم استدعاؤه لمواجهة مع أحد مدعى المحاماة، لنتفرج على معركة يتبادل فيها المدعون اللكمات والألفاظ والاتهامات.
وفى ظل الانشغال بنظريات تفسير حرائق العفاريت، ومدعى النبوة، خارج السياق أو داخله، ننشغل بعفاريت الحرائق، ومدعى النبوة، وليس بالنووى والهيدروجينى، وهل يمكن الاستغناء عن النووى لصالح خبراء العفاريت. أو هل يمكن العفاريت أن تنشغل باللعب فى النووى، وتخرج المارد من القمقم.
وربما يمكن الاستغناء عن العلم والتعليم والبحث العلمى، والعلاج، والاعتماد كليا على خبراء العفاريت، الذين يمكنهم أن يحلوا لنا كل المشاكل، بلا أى جهد، حيث يمكنهم مواجهة كل التحديات المطروحة وغير المطروحة، من العلاج والدواء إلى الطاقة والتعليم. ونتفرغ نحن للاستمتاع بإنجازات علماء العفاريت، بدلا من وجع الدماغ والتركيز فى البحث من تعليم أو بحث علمى وباقى التفاصيل التى تنشغل بها الأمم اللى عاملة نفسها متقدمة، بينما يمكننا بالاعتماد على خبراء الجن والمصور والعادى، لاستصلاح الأراضى وتنظيم المرور، وتحقيق كل الأهداف التى نريدها من غير جهد ولا تعب ولا مذاكرة بفضل خبراء الجن ورجال الأعمال السفلية.