4 أيام مرت على زيارة الرئيس السيسى للكاتدرائية بالعباسية لتقديم التهنئة للبابا تواضروس والإخوة الأقباط، وعام مر على الزيارة الأولى للكاتدرائية، وما بين الزيارتين مشاهد متقاربة إلى حد التطابق، تدفعنى لأن أقدم لكم ما كتبته العام الماضى على صفحات «اليوم السابع» احترامًا للزيارة، وتقديرًا لمن وقف وراءها.
المسؤول عن إخراج مشهد السيسى فى الكاتدرائية يستحق التحية، لأنه حقق 3 عناصر فى وقت واحد «الإبهار، المفاجأة، العفوية»، فبدت زيارة السيسى كأفضل من أى ترتيب بروتوكولى، ولكن لأن الزيارة تاريخية، والأولى من وقت عبدالناصر قبل 40 عامًا، فتستحق التحليل، خاصة أنها مليئة بالرسائل المباشرة وغير المباشرة أيضًا.
1 - المباشر، أن الجميع فوجئ بدخول السيسى للكاتدرائية، ولكن غير المباشر أن الفريق حول الرئيس يفكر بشكل مختلف فى القضايا المتعلقة بالوطن، وتحديدا العلاقة بين المسلمين والأقباط، فزيارة الرئيس جاءت لتؤكد مفهوم الوحدة الوطنية وتنقله من شعارات فى الإعلام والمحافل المختلفة إلى واقع ملموس.
2 - المباشر أن الرئيس فى مشهد الدخول وهو يسير على «السجادة الحمراء» لم يلتزم بالبروتوكول الرسمى، من الخطوة الهادئة المتزنة أو فى أن يسبقه مسؤول المراسم صاحب الوجه المبتسم، وغير المباشر أن هرولة الرئيس وراءها قصد بأن يصل سريعا إلى وسط القاعة حيث يقف البابا تواضروس لتقديم التهنئة وألا يعطل القداس، واللافت هنا أن البابا تواضروس قابل كسر البروتوكول الرئاسى، بكسر فى بروتوكول القداس، حيث قطع مراسم القداس لاستقبال السيسى، وهو أمر نادر تكراره.
3 - المباشر أن كلمة الرئيس جاءت بدون ترتيب، فهو وقف بجوار البابا، فبدأت الهتافات «بنحبك ياسيسى.. إيد واحدة»، وهو ما دفعه لأن يأخذ الميكروفون المستخدم فى مراسم القداس لكى يلقى كلمة، ولكن غير المباشر أن الرئيس السيسى كانت لديه نية سابقة بإلقاء كلمة، ويدعم ذلك أن السيسى وهو يصعد السلالم المؤدية للهيكل «مكان إقامة مراسم القداس»، حيث أمسك الرئيس بالميكروفون، وبدأ فى إلقاء كلمة أمام الحاضرين فى الكاتدرائية.
4 - المباشر أن الزيارة جاءت بدون ترتيب مسبق نهائيا، وحضر الرئيس إلى الكاتدرائية بعد وصوله مطار القاهرة من زيارة دولة الكويت الشقيقة، ولكن غير المباشر أن الرئيس وصل القاهرة الساعة 3 عصرا، بينما كانت الزيارة الساعة 9 ونصف ليلا، إضافة إلى أن الزيارة جرى ترتيبها قبل 4 ساعات فقط من بدء مراسم القداس وفى سرية تامة، وتم التنسيق مع التليفزيون المصرى لتثبيت كاميرات فى مدخل خاص بالكاتدرائية.
5 - المباشر أن الرئيس قصد بكلمته أن يوصل مشاعر طيبة للإخوة الأقباط فى عيدهم وكان أمامه طريق لذلك بالعبارات المعتادة «كل عام وأنتم بخير، وعيد سعيد»، ولكن غير المباشر تجسد فى الكلمات العفوية التى أوصلت التعبير بشكل أسرع كعبارات: «ما هو ما كنش ينفع ما أجيش.. ولا إيه.. مصر تسعنا كلنا ولازم نحبها.. نحبها بجد»، وهى مصطلحات شعبية بامتياز.
6 - أخيرًا.. مشهد الكاتدرائية دلالة على فكر خارج الصندوق فى دائرة صنع القرار حول الرئيس، التى خططت للزيارة العام السابق ونفذتها من جديد لهذا العام، وقدمت من خلالها رسالة مهمة عن الوحدة الوطنية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة