أن أى ملكية خاصة فى النطاق الذى نعرفه فى الدولة ليست كما يتصور البعض ملكية مطلقة العنان بحيث يستبد أصحابها فى استغلالها ويضر المجتمع، أو بحيث يتخذها أصحابها أداة لاستغلال الغير، بل هى وظيفة اجتماعية واقتصادية تخضع لإشراف الدولة.
ومن هنا يأتى دور الملكية العامة للدولة لتوازن دور الملكية الخاصة فى المجتمع، وقد لجأت كثير من الدول إلى اقامة الملكية العامة عن طريقين ؛ إما الطريق الأول فكان فى الماضى هو التأميم فى كثير من الدول التى كانت تعرف بالدول الاشتراكية ومنها مصر فى فترة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، والتى تمثلت كما نعرف فى أن تنتقل ملكية الأفراد إلى الأمة، ولم يكن الغرض من التأميم هو تمليك الدولة بصفتها شخصياً معنوياً، بل هو تمليك الأمة جمعاء وكلنا يعرف أن هذه التجربة كان لها ما لها وكان عليها ما عليها .
وأما الطريق الثانى فهو ما تتبعه إدارة الرئيس السيسى والذى يتمثل فى إنشاء مشروعات جديدة قومية مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص (أى بين الملكية العامة والملكية الخاصة) ولكن أيضاً تحت إشراف الدولة، ومثل ذلك مشروع قناة السويس الجديدة ومحطات الكهرباء والصرف الصحى وأخيراً مشروعات تنمية محور قناة السويس والمليون فدان . وتكون هنا الدولة مخطط عام ومالك مساهم مع القطاع الخاص ( الملكية الخاصة) على أن تقيم الدولة بوسائل التمويل المختلفة والمتاحة فى أسواق النقد والمال تلك المشروعات والمنشآت ابتداء من املاك الدولة والتى لم تكن ملكاً للأفراد أو القطاع الخاص، ثم تدخل القطاع الخاص والأفراد كمساهمين أو شركاء او منظمين ولو لفترة محددة كحق انتفاع او استغلال. وهنا ظهر دور الملكية الخاصة بمعناها القومى والذى يقوم على أساس ومضمون جديد، بحيث لم تعد المؤسسات الخاصة ملكاً لأصحابها، بالمعنى التقليدى، يستأثرون بها دون العمال بل أصبح العمال شركاء أيضاً فى هذه الملكية، شركاء فى بعض مظاهرها، شركاء فيما يترتب عليها من أرباح وخسائر وفى إدارتها والربح والخسارة والادارة من صفات الملكية كما نعرف.
والملكية الخاصة تتحلل فى الواقع إلى إدارة وإلى استغلال والى تصرف، والتصرف متروك للرأسمالى يمكنه أن يبيع المنشأة فى أى وقت يشاء، ولكن الإدارة الجماعية قد أصبحت شركة بين الرأسمالى والدولة والعمال كما أن الربح والخسارة قد أصبحا هما الآخر شركة بين الرأسمالية والدولة والعمال، ومن هنا يتضح أن الدولة فى شكل ملكيتها الجديدة، لم تلجأ فحسب إلى إقامة هذا النوع الجديد من الملكية العامة والخاصة المملوكة للأمة وللأفراد، بل غيرت أيضاً مضمون الملكية الخاصة القديمة وجعلتها وظيفة ليس فقط اقتصادية تهدف فقط للربح بل اجتماعية تهدف أيضا لصالح المجتمع وعدالتة الاجتماعية، لمن يتطوع من أهل القطاع الخاص بهذا الدور الوطنى، وهم فى الحق كثير. وقد حدد الدستور الجديد الإطار المنظم للملكية العامة والإطار المتروك للملكية الخاصة.
وفى النهاية عسى أن تنجح هذه التجربة وتعم فى كافة أنحاء القطر المصرى وألا تقتصر على العواصم والمدن الكبرى بل تمتد إلى المناطق الأكثر احتياجاً للعمل والانتاج، حتى يتحقق التوزيع الإقليمى العادل للدخل القومى وتتقلص معدلات البطالة، وتتحقق العدالة الاجتماعية من خلال ذراعى الدولة، القطاع الخاص والقطاع العام، ويسود السلام الاجتماعى المنشود.
• أستاذ الاقتصاد السياسى والمالية العامة – جامعة القاهرة .
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سليمان
عسى أن لا يتسرب إلينا الفكر الأشتراكى وآليات التأميم كما سبق !