18 ساعة من الانعقاد المستمر لأولى جلسات البرلمان، دار بها مواقف وطرائف، دفعتنا للضحك وأيضا للخوف على مصير المجلس طيلة فترته التشريعية، ليس خوفا من الحل، بقدر ما هو خوف على المجلس نفسه من أن ينحرف عن مساره الرقابى والتشريعى ويدخل فى تفصيلات ومجادلات يومية لا تعود بالفائدة على البلاد.
اجتهدت، بقليل من المعلومات أن أقدم لكم تحليلا لأول يوم من عمر البرلمان، تحليل نستطيع من خلاله نسبيا الوقوف على مفاتيح مجلس النواب 2015/2016.
1. بدأ يترسم من الجلسة الأولى الحدود بين الكتل والائتلافات والأحزاب السياسية، بمعنى أن المجلس يضم 4 كتل رئيسية، ائتلاف دعم مصر وهو الحزب الحاكم، وكتلة كارهى ثورة يناير وعلى رأسهم المستشار مرتضى منصور، وفى المقابل كتلة العدالة الاجتماعية والمدافعين عن ثورة يناير وعلى رأسهم خالد يوسف وكمال أحمد وهيثم أبوالعز الحريرى، أما الكتلة الرابعة فهى كتلة الأحزاب السياسية التى تسعى لأداء برلمانى منفرد وهما حزبا المصريين الأحرار والوفد الجديد.
2. رغم أن حزب المصريين الأحرار هو حزب الأكثرية باعتباره حاصلا على 65 مقعدا تحت القبة، إلا أنه ليس صوت الأغلبية، وظهر ذلك فى انتخابات الوكيل، فحزب المصريين الأحرار دفع باللواء حاتم باشا لمنافسة سيد الشريف وعلاء عبدالمنعم مرشحى ائتلاف دعم مصر، وسليمان وهدان مرشح الوفد، وجاءت النتيجة بفوز مرشح دعم مصر، ودخول الثانى الإعادة مع مرشح الوفد وخسارة المصريين الأحرار، بما معناه أن المصريين الأحرار رقم مهم تحت البرلمان ولكنهم لن يكونوا رقما حاسما فى المعادلة.
3. المجلس يشهد قيام رجال الوطنى المنحل بإعادة تقديم أنفسهم بشكل مختلف ومغاير عما سبق، وهو ما ظهر من قبل الدكتور على المصيلحى وزير التضامن الاجتماعى فى عهد مبارك، ففى كلمته ذكر أنه لابد من التعلم من أخطاء الماضى ودراستها لكى لا يقع ما حدث قبل 25 يناير 2011، وأعتقد أنه أمر طيب، خاصة إذا ارتبط بتغير حقيقى فى الفكر، لا فى الشكل فقط.
4. رئيس المجلس الدكتور على عبدالعال، بدا صارم، عاليا الصوت فى الساعات الأولى لإدارته الجلسة، وهو أمر يحتمل وجهتى النظر، الأولى أن الصوت العالى من طبيعة شخصيته، والثانية أنه أراد أن «يذبح القطة» للنواب من اليوم الأول، إضافة إلى أنه استخدم أكثر من مرة عبارة «أنا اللى وضعت الدستور» لحسم أى خلاف قانونى ولإثبات قواعده فى المجلس بكل قوة.
5. ما يجهر به النواب فى العلن، ليس ما يحدث فى صناديق الانتخابات، والدليل أن أحد النواب، طلب أن يتم تمثيل المرأة فى منصب الوكيل، وتنازل هو لأحد النائبات، ووقتها صفق جميع النواب الحاضرين طيلة 50 ثانية، وتوقعنا أن تفوز سيدة بمنصب الوكيل، غير أن نتيجة التصويت كشفت أن الـ 585 نائبا الحاضرين لم يصوتوا لأى سيدة غير 37 صوتا لأنيسة حسونة و14 صوتا لسناء برغش بإجمالى 51 صوتا من إجمالى 585، وهو رقم كاشف، فكيف صفق النواب تأييدا لوجود سيدة فى منصب الوكيل وكيف لم يصوت أحد للسيدات؟
6. الأكيد أن المجلس سيشهد مبارزات قانونية بين الدكتور على عبدالعال رئيس المجلس وبين المستشار سرى صيام رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وبدأت فعليا فى أول جلسة عندما تحدث سرى صيام عن إجراءات انتخابات الوكالة وضرورة المساواة بينها وبين انتخابات رئاسة المجلس، وبدت المبارزة القانونية فى خضمها عندما قال رئيس المجلس فى تعقيبه أنا أستاذ قانون دستورى وعارف بأعمل إيه.
أخيرا.. كلنا ضحكنا من وقائع اليوم الأول للبرلمان، ولكن المجلس هو انعكاس لنا، لمجتمعنا، سلوكهم بالأساس يندرج على سلوكنا، وحتى مناقشاتهم السياسية هى نموذج مبسط لحالة البلاد الاستثنائية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد هشام فؤاد-محرر صحفي
صرعات وخلافات