بحكم الممارسة البرلمانية وخبرتها، فإن النائب علاء عبدالمنعم لديه الرصيد الكافى لأن يكون وكيلا لمجلس النواب، ومواقفه أثناء فترة حكم مبارك شاهد حق، لكن بحكم الانتخابات وما يجرى فيها، فاز منافسه الوفدى سليمان وهدان بفارق أربعة أصوات، حيث حصل على 285 صوتا فى مقابل 281 صوتا لـ«عبدالمنعم».
سيقول الفائز والخاسر: «هذه هى الديمقراطية، وهذه هى طبيعة الانتخابات»، وهذا قول حق، لكن نحن أمام معركة تحمل إشارات مهمة فى مسار مجلس النواب فى الفترة المقبلة، وأراها على النحو التالى:
- شهدت المعركة إطلاق بعض النواب لمصطلح «كتلة الصعيد» فى إشارة إلى تجمع «نواب محافظات قبلى» فى مواجهة تجمع «نواب محافظات بحرى»، وهناك اتهامات لنائب بعينه بأنه هو الذى استخدم هذا المصطلح ونفخ فيه بكل قوة لحشد «نواب قبلى»، وإثارة حماسهم ليقفوا وراء وهدان بكل قوة، وقد يرى البعض أنها ظروف انتخابية ليس أكثر، لكن فى كل الأحوال فإن هذا الفعل لا يمكن تجاهله، فهو يستدعى نزعة قبلية فى غير محلها، ولا تليق بمصر التى نريدها، كما يدل على طبيعة وعى قطاع من النواب.
- فى عملية التحالفات والائتلافات المزمع تكوينها، سنجد تحولات غريبة وعجيبة، فـ«ائتلاف دعم مصر» اجتمع مساء الجمعة لإجراء انتخابات داخلية للاستقرار على اسم رئيس المجلس والوكيلين، وأسفرت عن الدكتور على عبدالعال مرشحا للرئاسة وهو ما حدث، والسيد الشريف، وهو ما حدث، وعلاء عبدالمنعم، لكنه لم يحدث، وغضب النائب مصطفى بكرى الطامح لمقعد الوكيل فانتقل من الالتزام بما قرره ائتلاف «دعم مصر» بتدعيم الوكيلين، إلى الالتزام بدعم وكيل واحد هو «الشريف»، وعدم دعم «عبدالمنعم»، بل إنه حشد لصالح «وهدان»، أى مارس دورا مؤثرا فى المعركة.
خضع هذا التحول إلى تفسيرات متعددة، فالبعض ذهب إلى البحث عن مكامن القوة والضعف فى «دعم مصر»، والتكييل بالاتهامات لقياداته، خاصة سماح سيف اليزل وأسامة هيكل، والتأكيد على أن الائتلاف الذى يفشل فى إنجاح مرشحه بالرغم من تأكيده على أنه يحوز على الأغلبية، هو ائتلاف هش لن يستطيع البقاء، والاصطفاف بقوة وراء معاركه تحت القبة.
- يقودنا فشل «دعم مصر» فى إنجاح مرشحه «علاء عبدالمنعم» إلى أنه هناك ما يمكن تسميته بـ«سيولة الانتماءات السياسية» لدى قطاع من النواب، فالنائب سليمان وهدان هو من حزب الوفد، وبحسابات الكتلة التصويتية لنواب «الوفد» لا يمكن لها أن تحسم فوزه، وحتى فى حال «تحلف الوفد والمصريين الأحرار» فإنه لا يمكن حشد أغلبية تؤدى إلى نجاحه، مما يعنى أن هناك زادا قويا من المستقلين، واختراقا مؤثرا حدث لجبهة «دعم مصر» نتج عنه كسب أصوات منها لصالح «وهدان».
ويقف بنا هذا التصرف أمام حالة تدل فى جانب منها على أن الحفاظ على «دعم مصر» كجبهة واحدة مصطفة وراء قضاياها هو أمر مشكوك فيه، والحالة التى بدا عليها هذا الائتلاف لا يمكن التسليم بأنها فى قمة العافية والصحة، فمن الواضح أن اللعب طبقا للطموح الشخصى هو المؤثر والمهمين وصاحب الكلمة الفصل، والدليل الأوضح على هذا الاعتقاد يأتى فى موقف مصطفى بكرى، وفى مسألة تقسيم المناصب القيادية داخل البرلمان، حيث تمت بنفس الروح والطريقة التى كانت تتم فى ظل البرلمانات السابقة، فالحزب الوطنى ظل يمارس سياسة التكويش، والإخوان مارسوا نفس المنطق فى برلمان 2012 باستثناءات قليلة، والمحصلة أننا أمام حالة سيولة برلمانية، بالرغم من وجود خريطة حزبية تحت القبة، وهى حالة لا نستطيع من خلالها التنبؤ بمواقف النواب فى العديد من القضايا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة