غالبا هناك فرق بين الديباجة والخطاب، بمعنى الفرق بين ما يقوله البعض، وما يهدف من وراء هذا القول، وهذا بمناسبة ما يجرى فى مجلس النواب، خلال ثلاثة أيام، من حركات وحيل وفكاهات، بعضها عفوى بسبب نسيان ميكروفون مفتوح، أو رغبات مكبوتة للظهور، وممارسة حالة نيابية جديدة، وخلف كل هذا هناك تحركات وحركات وتكتلات تعكسها الحركات، التى تبدو بعضها نوعا من الاستهبال، أو مشاحنات وعناد وحركات، فهى تعكس مصالح مطلوبة أو ضائعة، هناك نواب يريدون لفت الأنظار إليهم، ربما لأنهم اعتادوا أن تتسلط عليهم الكاميرات، من خلال تقمص «كاراكتر» مخالف أو مختلف، والهدف الكاميرا، أو ما يسمى تسجيل موقف، وتحقيق موقع قانونى أو اعتبارى معنوى، لكن عيب هذه النوعية أنها تفقد تأثيرها بعد فترة، وتحتاج دائما إلى التجديد فى «النمرة» التى تقدمها كل فترة.
وهناك مثلا حالة النائب الإعلامى توفيق عكاشة، الذى كان يتصور أنه يمكن أن يحصل على رئاسة المجلس، أو الوكالة، ولهذا تخلى عن طريقته المعهودة، لكنه اكتشف أن الحصول على أصوات دائرة، ربما يختلف عن تحصيل مناصب برلمانية، ولهذا بدا غاضبا، يفتح النار يمينا ويسارا ويهاجم ثم يدافع ثمن يعود ويرجع ويدور، ومؤخرا تقمص دور الناشط ووصل به الأمر لاستخدام «البلاستر الفموى» وهو إحدى الطرق التقليدية فى الاحتجاج. ويصدمه عدم وجود رد فعل كاسح لأفعاله، مع أن هناك من يفعل أقل من ذلك ويحظى بكاميرات، الفكرة لدى النائب أو غيره، أنهم لا يرون فروق التوقيت والمكان، فضلا عن أن الكاميرات هى حالات مؤقتة، والجمهور يصاب بالملل وينصرف عن العروض المكررة أو التى يختلف فيها الهدف عن الخطاب.
وهذه الظاهرة تتبدى فى السياسة، حيث ظاهرة الأرامل الذين يبذلون جهدا أو يتخذون مواقف انتظارا لثمن، وعندما يتم استبعادهم، يتقمصون دور المعارض، وهو دور لا يبدو لائقا مع ملاحظة أن الكاميرات بقدر ما تقدم «التلميع» فهى تحرق أيضا، لهذا يبدو بعض «المنتهزين» ، مصدومين، من الاستقبال البارد لعروضهم الساخنة، وهم لا يدركون أن الجمهور إما أصابه الملل أو أنه يتعرف بسرعة على خلفيات معاركهم، فالمطبل الذى تحول فجأة إلى شجاع بأثر رجعى يصدمه تجاهل الجمهور لما تصور أنه خبطة.
والقضية ليست فكرة مؤيد ومعارض، فالجمهور لا يصدق المطبلين، ولا يمكنه تصديق الانتهازى المختبئ خلف ضجيج معارضة فارغة، لأنه يكتشف بسهولة أرامل الانتهازية، ممن ينتظرون ثمنا أو كاميرا، لكنهم مع الوقت يفقدون تأثيرهم، ويظلون مجرد «كاركترات» بائسة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو محمد
مقال ممتاز