ماذا سنفعل بمجمع التحرير؟.. قبل أيام قال الدكتور جلال السعيد، محافظ القاهرة، إن هناك خطة حكومية لإخلاء أكبر مجمع حكومى فى قلب القاهرة، الذى يرتاده يومياً ما يقرب من مائة ألف مصرى لإنهاء بعض المعاملات الحكومية، قاصداً بذلك مجمع التحرير الذى يتصدر ميدان التحرير، ويضم العشرات من الإدارات التابعة لعدد من الوزارات الخدمية، ويعمل بها نحو 30 ألف موظف.
بالتأكيد وجود هذا العدد من الموظفين فى منطقة وسط البلد وفى مبنى واحد، فضلاً عن العدد الكبير من المترددين على المجمع يومياً، يؤدى بطبيعة الحال إلى أزمة وضغط مرورى لن تفلح أى وسيلة للقضاء عليه، إلا من خلال إيجاد حل فورى وجذرى للمجمع نفسه، وهو ما تسعى له الحكومة حالياً من خلال خطة إخلاء تمتد لعام ونصف العام تقريباً من خلال إخلاء المجمع من الإدارات التى تشغله تدريجياً، وفقاً لخطة توفير أماكن بديلة لكل الإدارات الموجودة فى المجمع بمعرفة الوزارات والهيئات التابعة لها.
وفقاً لما قاله محافظ القاهرة فإن خطة الإخلاء سيتم الانتهاء منها منتصف 2017، وليس 2016، وهى فترة أعتقد أنها كافية جداً لكى تقوم الحكومة بدراسة الاستخدام الأمثل لمبنى المجمع بما يليق به، كواحد من أشهر المبانى التاريخية بالقاهرة، الذى قام بتصميمه محمد كمال إسماعيل عام 1951، ويتكون من 14 دوراً، وتكلف إنشاؤه وقتها قرابة 2 مليون جنيه، حيث تم بناؤه على مساحة 28 ألف متر وارتفاعه 55 متراً وبه 1356 حجرة للموظفين. مكان المجمع وتاريخه وطريقة بنائه وشكله من الخارج يشير إلى أهميته التى يجب ألا نتركها دون دراسة وافية للشكل الذى نريد أن يكون عليه فى المستقبل بعد إخلائه من الإدارات الحكومية والموظفين، لأن الهدف من الإخلاء ليس فقط تحقيق سيولة مرورية فى وسط القاهرة، لكن الاستفادة من هذا المبنى التاريخى، لذلك فإن مستقبل هذا المبنى هو الأهم الآن.
هل يتحول إلى فندق أم متحف؟.. قبل 25 يناير 2011 تواترت أحاديث كثيرة عن رغبة البعض فى تحويله مجمع التحرير إلى فندق كبير، فالمبنى يقع فى منطقة مميزة وسط العاصمة، وتحيط به عدة فنادق، وبجواره المتحف المصرى، وبالقرب من النيل، كما أنه لن يشكل أزمة مرورية، باعتبار أن زوار الفندق محدودون، وأغلب نزلائه من السائحين الذين لا يأتون بسياراتهم، وبالتالى لن يشكل أزمة، عكس استخدامه الحالى كمجمع للمصالح يضم آلاف الموظفين، ويتردد عليه آلاف المواطنين يومياً.
هذا قد يكون أحد الحلول المقترحة لاستغلال المبنى التاريخى، وهناك بالطبع اقتراحات أخرى، من بينها أن يتحول لمتحف يعتبره البعض معبراً عن حالة المركزية الإدارية التى جعلت آلاف المصريين يأتون من محافظات بعيدة لإنهاء احتياجاتهم الإدارية فى هذا المجمع، لكن الأهم من كل ذلك أن تخضع هذه المقترحات لدراسات معمقة من متخصصين وعدم اقتصار الأمر على محافظة القاهرة أو وزارة بعينها، لأننا رأينا ما حدث فى مبنى الحزب الوطنى القديم على كورنيش النيل، فبعد كل المقترحات التى قيلت وهدفت إلى استغلال المبنى الاستغلال الأنسب فوجئنا جميعاً بقرار حكومى بهدم المبنى وتحوله إلى ركام.
ربما يكون من المفيد أن تشكل الحكومة لجنة من الخبراء والمعماريين لتحديد الشكل الأنسب لاستخدام المبنى، ومدى تناسب الاستخدام المستقبلى له مع تصور عام لميدان التحرير والمنطقة المحيطة به، ومنطقة وسط البلد فى مجملها، خاصة أن الحديث كثير هذه الأيام عن إعادة الحياة للقاهرة الخديوية، واستغلالها فى الترويج السياحى، وهذا الحديث لا يقتصر على شوارع بعينها لكنه يشمل كل وسط البلد، وفى القلب منها بالطبع منطقة ميدان التحرير والمجمع الذى يتوسطه، هذه اللجنة تكون مهمتها إعداد تصور عام وشامل للمنطقة، لا يقتصر على المجمع فقط وإنما كل وسط البلد، والمبانى التى يمكن إعادة استخدامها من جديد، حتى تلك غير المملوكة للدولة، فعلى سبيل المثال مبنى الجامعة الأمريكية المواجه لمجمع التحرير يمكن أن يكون هناك تعاون بين الدولة وإدارة الجامعة لاستغلال هذا المبنى كتجمع ثقافى يكون تحت إشراف وزارة الثقافة والجامعة الأمريكية التى نقلت غالبية منشآتها الجامعية إلى المقر الجديد بالتجمع الخامس.
هناك أفكار كثيرة وحلول أكثر، لكن المطلوب ألا نتقيد بالأفكار الحكومية وأن تكون عقولنا منفتحة على أفكار خارج الصندوق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة