مستقبل الدول مرهون بعزيمة أبنائها ورغبتهم فى التغيير، والحضارات تقوم على أساس ارتفاع عدد الشباب فى البلاد، فكلما كان عدد الشباب أكبر، كان الإنتاج أكثر وكان الأثر بالتالى أعظم، ومصر رزقها الله بشباب يحبها وتحبهم، يملكون أفكارهم وجرأة قلوبهم وإيمانهم بما يفعلون، ومع ذلك نجد صناعة مهمة مثل «السينما» التى تقوم على أكتاف الشباب ليست على المستوى المطلوب والمرجو منها، ويكفى أن نعرف أن فيلم «ذيب» الأردنى يشارك فى أوسكار 2016 ونحن بكل تاريخنا السينمائى فى دائرة «المتفرجين» لم نفارقها بعد.
من أين تأتى المشكلة؟ إن كان الشباب يعرفون دورهم جيدا، ويدركون أن السينما تبدأ من الحلم وتسعى لتحقيقه، وما زالت عيونهم تضىء بالنشاط والرغبة فى العمل، كما أنهم يملكون الأفكار المهمة القادرة على تجاوز الأزمة، لكن البيروقراطية الآثمة لا تمنحهم الفرصة الكاملة، ولعل مشروع «مستقبلنا السينمائى» الذى يديره الفنان شريف حلمى أكبر دليل على مثل هذه الأزمات، فالمشروع الذى يرغب فى صناعة جيل من الشباب المهتم بإيجاد سينما مختلفة تواجه التردى الذى نعيشه سينمائيا، وذلك عن طريق ورش تدريبية تعمل على اكتشاف وصقل مواهب سينمائية شابة من طلبة وخريجى الجامعات المصرية، وتقديم الدعم لهم فى ورش عمل نوعية (سيناريو- تمثيل- إخراج )، هذا المشروع الذى تم تعطيله فى زمن عبد الواحد النبوى، وزير الثقافة السابق، يعكس أن بعض المسؤولين ليسوا على مستوى الحلم، وأن رغبتهم فى التغيير لم تكن حقيقية.
ومشروع «مستقبلنا السينمائى» حصل على موافقة وتشجيع جابر عصفور، وبدأ فى 2014 وتوقف بسبب تخاذل «النبوى» عنه، وينتظر عودة الروح إليه على يد «النمنم» وزير الثقافة الحالى، وصل لمرحلة مفصلية، حيث تم الانتهاء من الورش التدريبية، وكذلك تم الانتهاء من كتابة 20 فيلما روائيا قصيرا، وينتظر إنتاجها بمبلغ لا يتجاوز 2 مليون جنيه لمجموع الأفلام، ثم إقامة حفل تخرج يليق بالتجربة فى دار الأوبرا، وهذه ليست بالطلبات المعجزة لوزارة الثقافة فتحقيقها سهلا والمشروع يستحق.
وهذه المرة لن نقول: علينا أن نبحث عن رجل أعمال كى يتولى الأمر، بل يجب أن تقوم وزارة الثقافة بدورها، حتى ترتبط التجربة باسمها، وحتى تثبت الوزارة أنها قادرة على صناعة المختلف بأسلوب بسيط، وعلى حلمى النمنم ألا يفوت هذه الفرصة التى قاربت على الانتهاء، وأن يستفيد منها، وأن يعرف أن أسوأ الذى يصيب أمة ما هو إحباط شبابها وجعل أحلامهم وأفكارهم ورؤاهم أضغاث أحلام، لذا نبعث مع الفنان شريف حلمى رسالة لوزير الثقافة حلمى النمنم نقول فيها: «معالى وزير الثقافة المحترم.. تلك هى القوى الناعمة الشابة التى يجب أن نرعاها وندعمها، لأنها هى التى ستحمل لواء الثقافة والتنوير فى المستقبل».