بالتأكيد وصول فيلمين عربيين إلى الترشيحات النهائية لمسابقة «أوسكار» أحسن فيلم أجنبى، حدث كبير يستحق الاحتفاء والتوقف عنده خصوصا أن العملين اللذين وصلا إلى النهائيات هما فيلمان شديدا الجودة والتميز على المستوى الفكرى والبصرى، ويستحقان المنافسة والاحتفاء بهما، وأكثر ما لفت نظرى هو ذلك الفيديو الذى تم تداوله على الفيس بوك لفريق عمل فيلم «ذيب» لحظة إعلان الترشح لنهائيات الأوسكار، والفرحة التى طغت على كل طاقم العمل، فهناك ناس عملوا بصدق وأخلصوا للمنتج الذى يقدمونه وقدموا عملا متفردا فى السينما العربية يمثل نقطة تحول مهمة فى السينما الأردنية.
وينافس الفيلم ضمن الأفلام الخمسة المرشحة لجائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، وهى: الكولومبى «قبلة الثعبان»ك والفرنسى «موستانج»، والمجرى «ابن شاؤول»، والدنماركى «حرب»، والأردنى ذيب لناجى أبو نوار، إضافة إلى ترشح «ذيب» أيضا لجائزتين من جوائز «الجمعية البريطانية لفنون السينما والتليفزيون» (بافتا)، وهى الجائزة التى لا تقل أهمية عن الأوسكار.. وهما جائزة أفضل فيلم أجنبى وجائزة العمل الأول للمخرج والمنتج.
و«ذيب» أول فيلم روائى طويل لأبو نوار، وتدور أحداثه فى صحراء الأردن خلال الحرب العالمية الأولى من خلال الصبى البدوى ذيب وشقيقه حسين، حيث يخوضان مغامرة خطرة تنهى حياة الأخ الأكبر وينجو منها الصبى الذى ينضج قبل الأوان، والفيلم أردنى- إماراتى- قطرى بريطانى مشترك، حصل على دعم من مؤسسة الدوحة للأفلام، ودعم من صندوق سند الذى يقدم نحو 500 ألف دولار دعما سنويا لإنتاج أفلام لمخرجين عرب، وينقسم الدعم إلى فئتين هما مشاريع أفلام فى مرحلة تطوير السيناريو، ومشاريع الأفلام فى مرحلة الإنتاج النهائية. واعتمد الفيلم على ممثلين غير محترفين من أهالى المنطقة، وهو أول فيلم عربى يرشح للبافتا والأوسكار، مما يؤكد صحة الرهان على جيل جديد من المخرجين العرب الشبان، حيث عرض الفيلم فى مهرجانات كبرى وفاز فى مهرجان أبوظبى عام 2014 بجائزة أفضل فيلم من العالم العربى. أما فى قسم الأفلام القصيرة فوقع الاختيار على فيلم «السلام عليك يا مريم»، من إنتاج فلسطينى فرنسى ألمانى مشترك، إضافة إلى «اليوم الأول» من الولايات المتحدة، و«كل شىء سيكون على ما يرام» من إنتاج ألمانى نمساوى مشترك، و«شوك» من إنتاج كوسوفى أمريكى مشترك، «وثقيل اللسان» من بريطانيا.
ويقدم الفيلم قصة نمط الحياة الصامت الذى تعيش به 5 راهبات فى دير منعزل بالضفة الغربية، ويختل هذا النظام عندما تتعرض عائلة من المستوطنين الإسرائيليين لحادث خارج أسوار الدير فى بداية يوم السبت الذى يمتنع فيه اليهود عن استخدام الأدوات التكنولوجية مثل الهواتف، وسط راهبات نذرن أنفسهن للصمت، وفاز المخرج باسل خليل بجائزة مهرجان دبى العاشر فى ديسمبر الماضى. وسواء فاز الفيلمان بإحدى الجوائز أم لا، فوجودهما داخل المسابقة النهائية حدث مهم.. لصناع السينما فى العالم العربى خصوصا صناع السينما المصرية الذين تساءل بعضهم ما الذى ينقص السينما المصرية صاحبة التاريخ الأطول والأقدم والأعرق فى المنطقة أن تحقق إنجازا مماثلا، خصوصا أنها تضم العديد من العناصر المتميزة فى مختلف فروع الفن السينمائى، وكما طرح بعضهم «ممثلين وعندنا، مخرجين وعندنا، مديرين تصوير، إيه بقه اللى ناقص؟». فى ظنى أن ما ينقص الفن المصرى للوصول إلى ذلك هو الروح الحقيقية لصناعة عمل مختلف بعيدا عن حسابات المكسب والتجارة، عمل حقيقى لا يضع حسابات السوق أو الرقابة فى ذهنه، ولكن يبدو أن الفن المصرى وقف بكل عناصره فى مرحلة هى بين البين، بمعنى أن هناك من يعلق عليهم الآمال عادة ما يلجأون إلى إمساك العصا من المنتصف حتى لا يتم تصنيفهم كمخرج ما بيفكرش فى الإيرادات أو «بتاع مهرجانات»، لو تحرر بعض صناع الفن المصرى، أعتقد أن الأمل سيكون موجودًا.