بانعقاد البرلمان فى جلسته الأولى فى العاشر من يناير الجارى تكون الشرعية الدستورية قد اكتملت بعد إقرار الشعب للدستور، وبعد انتخاب رئيس للجمهورية، فالفارق بين الشرعية الثورية والشرعية الدستورية أن الشرعية الثورية هى التى توصف بما يسمى بالمرحلة الانتقالية التى يمكن أن يتخذ فيها القرارات وتسن فيها القوانين بطرق غير عادية أى غير خاضعة للدستور.
أما الشرعية الدستورية فهى التى تلتزم بنصوص ومواد الدستور الذى يحدد الحقوق ويبين الواجبات، كما أنه يحدد العلاقة بين السلطات حتى تكون كل سلطة لها صلاحياتها المستقلة، ولذا فالدستور يحب على الجميع احترامه والالتزام به، وهذا ما يفرق بين نظام ونظام آخر، مع العلم أن النظم السياسية تاريخياً قد عرفت الدستور حتى قبل أن تعرف الاسم بداية من «الماجناكارتا» البريطانية فى القرن الثالث عشر.
نعم الدستور ليس كتابا مقدسا لأنه لا وجوب على الإطلاق لمقارنته بالكتب المقدسة مثلما يدعى بعد المزايدين والذين لا يجيدون غير المنظرة الفارغة و«الجعجعة» الكاذبة، ولكن الدستور هو العقد الاجتماعى الذى ارتضاه الشعب بمحض إرادته حتى يكون حكماً ومرشداً ومحدداً للصلاحيات وللسلطات.
ومن المعروف أن السلطة التشريعية هى السلطة التى لها علاقة مباشرة بالدستور، سواء كان بوضعه أو بتعديله، حيث إن الدستور هو المرشد والحاكم لكل تشريعات البرلمان حتى لا تتجاوزه أو تخالفه حتى يكون دستورياً، حيث إن التشريع هو اختصاص البرلمان كما أن التشريع هو الذى تحكم على أساسه السلطة القضائية والتى تنفذ أحكامها السلطة التنفيذية، ولذا فعندما نرى استهانة بهذا الدستور داخل قاعة البرلمان يكون هناك خلل يجب تداركه، مثل ما شاهدنا فى الجلسة الأولى للبرلمان، فقد شاهدنا بعض الممارسات التى لا تدعو إلى الارتياح، خاصة أن هذا البرلمان ذو خصوصية فهو جاء بعد 25 يناير / 30 يونيو، وبعد وضع دستور جعل نظام الحكم من شبه رئاسى إلى شبه برلمانى حيث أعطى للبرلمان صلاحيات غير مسبوقة، ناهيك عن دور البرلمان فى تشريع القوانين المكلمة للدستور والتى يحمل بعضها حساسيات طال عليها الزمن، كما أن البرلمان هو الذى سيعمل على تجسيد مبادئ يناير ويونيو من خلال التشريعات التى تحقق تلك المبادئ، وعلى رأسها العدالة الاجتماعية والتى سيتابع تطبيقها من خلال رقابة الحكومة، فلا شك فالجلسات التى شاهدناها قد أظهرت تناقضات مع الدستور واختلاق صراع وهمى بين 25 / 30 لن يكون فى صالح أحد.
كما أن هناك نوابا لا علاقة لهم بالسياسة ولا معرفة لهم بالحياة البرلمانية، ولم يسبق لهم أى عمل حزبى حتى وإن ترشحوا باسم حزب لا علاقة لهم به، فهذه نوعية تسعى للعضوية والحصانة بهدف الوجاهة الاجتماعية والاستفادة المادية وتسيير المصالح الذاتية وكله باسم خدمة الجماهير ولا علاقة لهم بالرقابة والتشريع، الذى يتطلب كفاءة خاصة وثقافة سياسية وقدرة على التعبير، وعندما يفتقد النائب هذه المقومات ويريد أن يثبت وجوده لا يملك غير محاولة الظهور فى الكادر بطرق تسىء إلى الجميع، ولكن الكفاءة والممارسة البرلمانية لهما أساليب كثيرة هى التى تجعل الكاميرا والأضواء هى التى تجرى وراء النائب.
ومع كل تلك الممارسات المرفوضة، لكن لا بد أن يظل الأمل فى التغيير والتعلم والممارسة، شرط أن يكون ذلك نتيجة لإدراك أهمية النيابة والبرلمان والدور المطلوب لصالح الوطن وليس للمصلحة الذاتية التى ترفع شعار الوطن زوراً وهذا لا يكون بالكلام والشعارات ولكن بالإخلاص والعمل وتغليب المصلحة العامة التى هى الطريق الصحيح للمصلحة الخاصة، وحتى تكون مصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة