بالتأكيد لو وجهت السؤال الذى يحمله هذا العنوان لأى مسئول فى الحكومة سيجيب بأنهم أساتذة فى التعامل مع رجال الأعمال، وأن المشكلة ليست فى الحكومة وإنما فى رجال الأعمال أنفسهم.. وسيزيد المسئول ويفيض فى الحديث عن رجال أعمال طماعين لا يبحثون إلا عن مصالحهم وآخرين متربحين وفاسدين.
ولو وجهت السؤال لأى مواطن فستكون الإجابة أن رجال الأعمال حرامية و"عايزين ياكلوها والعة".
لو سألت أى إعلامى أو صحفى لماذا تهاجم رجال الأعمال؟ فسيقول لك إنهم مش واقفين مع البلد و"عايزين ياخدوا ومايدوش".
ولو توجهت لأى رجل أعمال ستجد إجابات مختلفة، فهم غاضبون من التعميم فى الحكم عليهم، رافضون لدعوات تخوينهم وإلصاق الفساد بهم، يطالبون بكشف حساب حقيقى لكل رجال أعمال حتى يرى الناس من قدم للبلد ومن سرقها، ومن وقف بجانب الغلابة ومن تربح على حسابهم .
وأظن أن هذا الاختلاف والتناقض سيستمر معنا حتى قيام الساعة، لأننا فى الحقيقة شعب لا يعرف واجباته وحقوقه، نفضل الاستفادة السريعة والسهلة، نبحث عن المكاسب دون رغبة ولا قبول لتحمل الالتزامات.
بهذا المنطق بيننا ملايين يريدون من رجال الأعمال إقامة مشروعات وتشغيل شباب وتخفيض أسعار والقيام بدور اجتماعى، لكنهم عندما تحاول الدولة تقديم حافز لرجال الأعمال، لتشجعيهم مثلما يحدث فى أى دولة فى العالم تقوم الدنيا ولا تقعد ويغضب هؤلاء ويتهمون الحكومة بمحاباة أصحاب الأموال والمليارديرات على حساب الغلابة، فى المقابل لدينا رجال أعمال يريدونها "سداح مداح" لا حساب ولا ضوابط ولا تبعات .
لكن مصلحة الوطن تتطلب إلا نستجيب للمتطرفين من أى طرف، وإنما لابد من تغليب المنطق والاعتراف بأن الدولة وحدها لن تفعل كل شىء ولن تستطيع تلبية مطالب المواطنين، وإنما لابد أن تمد يدها بل تبسطها لرجال الأعمال والمستثمرين، كى تشجعهم على استثمار مزيد من أموالهم داخل البلد وجذب ما يستطيعون جذبه من مستثمرين ورؤوس أموال أجنبية لضخها فى شرايين الاقتصاد المصرى لإنعاشه فى ظل هذه الظروف الصعبة.
المنطق يقتضى الاعتراف بأن الغالبية العظمى من رجال الأعمال المصريين وطنيون يخافون على بلدهم مثل أى مواطن شريف وليس معنى تعاملهم وفقا لآليات السوق والخوف من عواقب الاستثمار العشوائى أنهم مصابون بالأنانية ولا يراعون مصلحة الدولة، فهذه رؤية معوجة لابد من تصحيحها، وعندما يكون فى مصر رجال أعمال لهم ثقل دولى، منهم من يتوسط اسمه دائما قائمة المائة الأكثر ثراء، ومنهم من لهم استثمارات فى أكثر من 30 دولة أجنبية، وبعضهم استثماراتهم لها سمعة فى دول كبرى، ومنهم من يتمتعون بعلاقات إقليمية وتشاركهم كيانات لها سمعة دولية، أو يشغلون مواقع عربية ودولية مرموقة فى مجال الاستثمار والصناعة، وبعضهم أيضا تسعى شركات دولية لمشاركتهم والاستفادة من نجاحهم، فليس من المنطق أبدا أن نضحى بكل هؤلاء ونضعهم فى سلة واحدة مع حفنة قليلة من محدثى النعمة والأرزقية الذين اكتسبوا لقب رجال أعمال بالصدفة أو النصب والاحتيال .
نحن نحتاج سياسيا وإعلاميا لقاموس جديد للتعامل مع رجال الأعمال والاستثمار المصريين، لأنهم الوسيلة الأفضل لتشجيع المستثمر الأجنبى على الاستثمار فى مصر، وما يمكن أن يقدمه أى رجل أعمال فى هذا المجال قد يفوق عشرات المرات ما يمكن أن تفعله الحكومة، فقط نثق بهم ونطمئنهم كما فعل الرئيس عبد الفتاح السيسى، ولا نخونهم ولا نرميهم بالتهم جزافا ولا نتعقبهم كما الحرامية، بل نفرق بين رجل الأعمال الصالح وبين الفاسد ونقدم لهم التسهيلات والحوافز التى لا تخرج عما هو معترف به عالميا وفى دول سبقتنا فى مجال الاستثمار، لأن التحدى الاقتصادى ضخم ولن تواجهه الحكومة وحدها.