أحمد إبراهيم الشريف

أدونيس والعنف

السبت، 02 يناير 2016 10:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أيام قليلة، تواجد الشاعر العربى الكبير أدونيس ضيفا على إحدى القنوات التليفزيونية الفرنسية، متحدثا عن حفلة شعرية موسيقية جمعته بالموسيقار العراقى نصير شمة، وتحدث أدونيس فى هذا اللقاء عن العرب وأفكارهم والشعر وتأخره، لكنه بدا غاضبا من الواقع ويائسا عندما تحدث عن إحساسه بالوحدة، بعدما رحل كل جيله وظل هو وحيدا.

هذا الإحساس بالوحدة يفسر كثيرا حدته فى كتابه الأخير، الصادر عن منشورات «لوسوى» فى باريس بعنوان «العنف والإسلام»، وهو عبارة عن حوار مطول مع الدكتورة حورية عبد الواحد، صرح فيه أدونيس بأن ما يقوم به «داعش» تطبيقا لما ورد فى القرآن.

والمشكلة تكمن فى اليأس الذى فكر به الشاعر الكبير الذى اختصر رأيه فى «العنف الدينى»، ورده إلى «تسييس الدين وتقديس السياسة»، وهو صادق إلا قليلا.

نتفق مع أدونيس فى أشياء كثيرة من هذه الآراء، لكن الملاحظ أن ما يقوله أدونيس هو «خيال شعراء»، هذا على الرغم من كونه يقدم نفسه فى الآونة الأخيرة مفكرا ومجددا فى الفكر الثقافى والدينى، فإجابته السابقة لم تخل من «خيال» ورغبة فى الاكتمال، فهو يعرف جيدا أن ما يقوله أمرا «نموذجى» أكثر منه واقعى، فلقد هربت كل البدايات ولم يعد من الممكن أن نفصل الدين عن الدولة بالشكل القاطع الذى يريده أدونيس، وربما السؤال الخطر الذى لم يسأله أدونيس: كيف بعد 14قرنا نفعل ذلك؟

تأتى خطورة هذا الكتاب الذى قدمه أدونيس فى ثلاثة أشياء، الأول أنه حوار والمعروف أن الحوار لا يعنى وجهة نظر، لكنه يعنى رأيك التام وشخصك المتحقق، وعليه عندما يوافق أحدهما أو يرفض فالاختلاف يكون شخصيا مع القائل.

الأمر الثانى، أنه جاء فى وقت يبحث الغرب فيه عن تفسير لما حدث فى بلادهم من عمليات إرهابية، ويريدون أن يبرئوا أنفسهم تماما بإيجاد الحل فى المنظومة الإسلامية، وأدونيس يؤكد فى حواره أن التطرف جزء من العقلية العربية بسبب المزج بين السياسة والدين، لذا أصبح حوار أدونيس بمثابة وشهد شاهد من أهلها.

الأمر الثالث، أن صورة أدونيس عند كثير من العرب «ملتبسة» فموقفه مما يحدث فى سوريا، ووقوفه الواضح بجانب بشار الأسد، يجعل هناك تصورا جاهزا بأن هذه المواقف التى يتحدث فيها أدونيس لا تعبر عن قناعاته بقدر ما يحاول بها الدفاع عن بشار الأسد فى وجه معارضيه، ولعل ما يكشف ذلك المعارضة التى لاقاها أدونيس عندما تم اختياره ليفوز بجائزة الألمانية للسلام، فذهب البعض إلى أن أدونيس لم يدعو أبدا للسلام فى بلاده لكنه انحاز إلى فريق ما وأعلن رأيه صريحا. إن أدونيس يعيش فى بلاد أوروبا ويعرف أن الذى يقوله صحيحا، لكنه ليس واقعيا، فلن نستيقظ ذات صباح لنجد فصلا تماما بين الدين والسياسية، لذا على الذين يتحدثون عن الحلول ويقدمون أنفسهم كمفكرين وفلاسفة، أن يفكروا بطريقة واقعية ويبحثوا عن حلول جديدة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة