أكرم القصاص

دروس «عظيمة الحسينى»

الأربعاء، 20 يناير 2016 07:20 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سيدة الكفاح والإنسانية والنفس الطويل
كأنها تريد أن تذكرنا بكل دروس التضحية والمبادئ والصبر والنفس الطويل فى الإنسانية والسياسة، لم تتوقف طوال عمرها الممتد لأكثر من 80 عاما عن ممارسة دورها، وتربية من حولها بالمثل ومساندة الضعفاء، إنها الراحلة عظيمة الحسينى التى غادرتنا وتركت وراءها تاريخا من الأمل والتصميم ودروسا لكل من يفقد الأمل، وتحمل اسم أم المناضلين والمعتقلين.

عظيمة الحسينى نشأت فى بيت كله سياسة وثقافة، الأب كان مهندسا ترحلت معه أسرته إلى رفح فى الخمسينيات، عرف أشقاؤها مصطفى وعادل ومهدى الحسينى العمل السياسى، وتعرضوا للسجن مرات كثيرة، وكانت عظيمة الحسينى تتابعهم فى المحاكم وفى السجون، حيث تحمل الطعام والملابس والرسائل، ليس فقط لأشقائها لكن لكل من فى السجن.

أسعدنى الحظ أن استمعت منها مرات فى منزلها إلى تفاصيل ترحالها خلف إخوتها وزملائهم مئات الكيلومترات إلى الواحات حاملة الطعام والملابس والاحتياجات، فضلا عن رعايتها لأسر المساجين فى أماكن مختلفة ولديها قصة لكل رحلة، كانت تحكى هذه القصص من دون أى شعور بالمرارة.

ومن المفارقات أنها بعد مايو 1971 وكان الرئيس السادات أحال عددا من قيادات الناصريين إلى المحاكمات وسجنوا، ومنهم على صبرى وفريد عبدالكريم ومحمد فايق وغيرهم، كانت تحمل الزيارات إليهم فى السجون، وهو أمر أثار دهشتهم وتساؤلاتهم، أن نفس السيدة التى سجن أشقاؤها وهؤلاء فى السلطة، إذا بها وهم مسجونون خارج السلطة لم تشمت تحمل لهم الطعام والملابس والرسائل، بل إنها حكت لى كيف أنها ذهبت لعلى صبرى وكان رئيسا للوزراء تطلب منه زيارة لإخوتها فساعدها، وظلت تحتفظ لعبد الناصر بالرغم من انتقاداتها اعترافا بأنه أنشأ المصانع والمساكن والمدارس والمستشفيات، وكانت تقول وهى تضحك، إن بعض إخوتها كانوا يختلفون معها، كانت فى أسرة تختلف وتتناقش، من دون أن يفقدوا احترامهم لآراء بعضهم.

عظيمة الحسينى واصلت دورها وشاركت فى مظاهرات 1977، وشاركت فى تأسيس حزب التجمع واتحاد النساء التقدمى وكانت تهتم بالنشء فى معسكرات وتحرص على أن تعلمهم ماذا يقرأون وكيف يعملون فى السياسة.

فى ميدان التحرير وأثناء 25 يناير كانت عظيمة الحسينى تحمل الطعام والبطاطين والملابس التى تجمعها من الجميع وتذهب يوميا مشيا لأكثر من 3 كيلومترات من منزلها فى المنيل إلى الميدان لتقدم البطاطين والطعام والملابس وما تستطيع حمله، بل وتتصل بكل من تعرفه لتجمع ما يحتاجه الميدان، وهى السيدة التى تخطت الثمانين تفعل ذلك بفرح، يمكن أن ترى صورها بالصدفة، لم يكن كثيرون من الشباب بالميدان يعرفون هذه السيدة التى تحمل سنوات عمرها وابتسامتها، وتواصل دورها الإنسانى والسياسى بلا ضجيج وبلا ادعاء ولا محاولة لالتقاط الصور، ناهيك عن حبها لأسرتها وأشقائها وكل من ترى أنه شارك بأى جهد.

ربما يجد هؤلاء القانطون والمتضايقون فى عظيمة الحسينى درسا يتعلمون منه أن الكفاح ليس بالعمر والتجارب ليست بالكلام، رحم الله عظيمة «العظيمة».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة