أجدد سؤالى: «ماذا لدى الصين لنأخذه فى مصر؟» والمناسبة زيارة الرئيس الصينى «شى جين بينغ» إلى مصر.
تجربة الصين التى تعطى ثمارها كل يوم بمزيد من التطور والتقدم الاقتصادى نحتاج إلى المزيد من دراستها، فهى الأقرب لنا، وهناك من يؤكد أنها الأنسب لنا. تقدمت الصين بوجود حكومات قوية بدأت فى وضع خطط للتطور النمو الاقتصادى منذ عام 1979، ويتم تنفيذ هذه الخطط بصرامة وفى وقت محدد، وعدم السماح بالتلاعب، ومحاربة الفساد والرشوة، وإنزال أقصى العقوبات على مرتكبيها من المسؤولين.
فى سبتمبر الماضى كنت فى زيارة إليها، واستمعت إلى العديد من مواجهات الفساد الحاسمة التى شملت وزراء فى كل مقاطعات الصين وعددها 32 مقاطعة، وكل مقاطعة يتبعها عدد من المحافظات، وبالطبع فإن هناك حكومة مركزية هى التى تقود كل حكومات المقاطعات، وهذه الحكومات لها الحق فى وضع خطط التنمية الخاصة بها وتوفير التمويل، دون تدخل من الحكومة المركزية.
فى زيارتى رأيت التقدم الهائل فى إنشاءات البنية التحتية، ويتجسد ذلك فى شبكة المواصلات الهائلة بكل طرقها المعدة بتقدم كبير، وأكبر شبكة للقطار السريع، والتوسع فى إنشاء المطارات فى كل المقاطعات، والتركيز على المشروعات القومية والبحث والتطوير والصناعة فى الفضاء والدفاع والنقل. بالطبع هناك خصوصية للتجربة الصينية، غير أن المشترك بينها وبين أى تجارب أخرى فى العالم هو وضع الخطة ووسائل تنفيذها، والأدوات الكفيلة بإنجاحها، والإرادة الكاملة فى ذلك، وبالطبع فإن ذلك يتم وفقا لرؤية ترمى إلى المستقبل، وتضع نصب أعينها منجزات لابد من تحقيقها.
هذا ما يمكن القول بأنه مشترك بين تجارب التقدم التنموية فى العالم، وبناء على ذلك لابد أن ننظر إلى أنفسنا ونحن نقارن تجربتنا مع الدول الأخرى التى تقدمت، ثم نطرح سؤالا: «ماذا حققنا؟.. وماذا حققوا؟»
الصين هى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، وواحد من أسرع اقتصاديات العالم نموا، ومعدلات التقدم فيه فى كل المجالات تقفز خطوات، فى البحث العلمى ستجد تقدما، وفى التعليم الجامعى والمدرسى، وفى المشروعات الصغيرة، وفى التدريب على التشغيل الصناعى، وهناك مراكز ومعاهد متخصصة فى ذلك، وإذا أردنا التقدم فلابد أن ننظر بعين الفائدة لكل ذلك. أشرت من قبل إلى ما ذكره لى العالم المصرى الأمريكى الدكتور طلال واصل، بضرورة الاستفادة من التجربة الصينية فى كل المجالات، ونوهت إلى أمثلة ذكرها للتدليل على ما تفعله الصين بقوة وشجاعة، وأشار إلى أن مسألة جذب الاستثمار الخارجى تتم ليس عن طريق الاستثمار المالى فقط، بل بجذب الشركات العالمية لفتح المصانع والاستفادة بالأجور القليلة، وفى نفس القوت تؤهل الدولة العمالة بدرجة تؤدى إلى توليد الإنتاج المناسب للمستوى العالمى، والتركيز على التصدير إلى جميع أنحاء العالم، ومن كان يتخيل أن الصين بلد يتزايد فيه عد البلونيرات وفيها الآن 50 بليونيرا. يعطى الدكتور طلال مثلا واحدا على كيفية إدارة هذا البلد العملاق لطاقته البشرية وتوجيهها، يقول: «كنا نسمع عن شركة آبل، وهى باختراعاتها فى الحواسب وأجهزة الموسيقى والفيديو، يعمل بها 50 ألف موظف من أمريكا، وهم على أعلى درجة من العلم والإدارة والمهارة، ولكن الشركة بها مليون صينى فى الصين يصنعون منتجاتها، والاستفادة هنا متبادلة، من خمس سنوات كان عدد حاملى شهادات الماجستير فى الصين ربع العدد الموجود فى أمريكا، وفى 2010 ارتفع عدد الصينيين إلى ضعف العدد الأمريكى».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة