استقبلت مصر، أمس، الرئيس الصينى «شى جين بينج» وكان فى شرف استقباله الرئيس عبد الفتاح السيسى، ولا أبالغ إذا قلت، إن هذه القمة المنعقدة فى مصر الآن تشغل بال العالم أجمع، فزيارة مصر تعد الأولى لرئيس صينى منذ 12 عاما، وهى الزيارة الرسمية الخارجية الأولى لـ«شى جين بينج» له منذ توليه الرئاسة فى 2013، وتكمن أهمية هذه الزيارة فى شمولها السعودية وإيران أيضا، وهنا يمكن أن نقول، إن الزيارة الصينية تتخذ الآن بعدا عالميا وليس إقليميا فحسب، نظرا لمرور المنطقة بالعديد من الأزمات المتتالية، وأهمها بالطبع الأزمة السورية التى تقف فيها السعودية وإيران موقفين متناقضين تماما، كما تأتى هذه الزيارة بعد أيام قليلة من رفع الحصار عن إيران وعزمها إغراق السوق العالمية بالنفط، وسط توقعات بحرب باردة «بتروليا» بين الخليج من ناحية وإيران من ناحية أخرى، وما يتبع هذا من تأثر كبير فى السوق الصناعية العالمية وبالطبع تقف الصين باعتبارها أهم دولة صناعية وتجارية فى العالم.
أما هنا فى مصر فإنى أرى أن القدر أتاح لنا فرصة ذهبية فى القيام بدور كبير وسط تلك الصراعات المتنامية، إذ إن مصر تعد الآن «رمانة الميزان» فى المنطقة لما يضيفه «الجيش المصرى» من ثقل إقليمى، كما أن مصر الآن تمر بمرحلة «تأسيس» لدولة حديثة ومتنامية، وبالطبع فإن زيارة الرئيس الصينى لنا لم تكن هباء، وإنما كانت لإدراك القيادة الصينية «الواعية» لأهمية مصر إقليميا وعالميا، لكنى بعد هذا الاستعراض المتعجل للأهمية الاستراتيجية للزيارة الصينية لا أعتقد أن دروس الزيارة الصينية يجب أن تتوقف على شقيها السياسى والاقتصادى فحسب وإنما يجب علينا أن نستثمر هذه الفرصة لاكتشاف هذه الدولة العظيمة ومحاولة الاستفادة من تجربتها الرائدة فى التنمية الجبارة دون أن تنمحى فى «العولمة أو أن تخسر انفتاحها على العالم».
هذا هو التحدى الكبير الذى نجحت فيه الصين بشكل يفوق نجاحها الاقتصادى، فقد نمت الصين بشكل غير مسبوق، وأصبحت دولة عظمى فى سنوات قليلة وباتت محركا أساسيا للاقتصاد العالمى والأهم من كل هذا هو أنها لم تخسر هويتها ولم تتنازل عن ثقافتها، بل على العكس تماما تريد الصين الآن أن تتحرك خطوة للأمام فى سبيل تعريف العالم بثقافتها بشكل لائق، وليس أدل على هذا من لقاء اليوم الذى يجمع الرئيسين (المصرى والصينى) فى حضن محافظة الأقصر (طيبة) للاحتفال بتدشين العام الثقافى المصرى الصينى، وقد كان لافتا أن يقول لنا السيد «دنج لى» مدير عام شمال أفريقيا وغرب آسيا فى الخارجية الصينية أثناء زيارتى لبكين، إن الطلبة الصينيين الآن منذ المرحلة الإعدادية يدرسون الحضارة الفرعونية، وفى هذا كله رسالة كبيرة لمصر التى يجب أن تفتح جسور التعاون مع تلك الدولة «المعجزة» مستلهمة تجربتها فى النهوض بكامل هويتها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة