فى هدوء تحرك أفراد المأمورية من رجال المخابرات العامة إلى ليبيا لإتمام عملية إنقاذ عشرين مواطنا مصريا، تم اختطافهم من قبل إحدى الجماعات الليبية.
كان التكليف واضحا، «عودوا بالمصريين المختطفين بأى طريقة ولا تسمحوا لخاطفيهم بتسليمهم إلى عصابات داعش أو بيعهم للمجموعات المتطرفة».
ومنذ اللحظة الأولى لنزول رجال المخابرات للأراضى الليبية جرى تحديد مكان احتجاز المصريين العشرين المختطفين، ومن قام باختطافهم وأسباب الاختطاف، وتم التنسيق مع قوات الجيش الليبى والفريق خليفة حفتر لدراسة جميع السيناريوهات لعملية إنقاذهم ، بدءاً من محاصرة المنطقة التى تم احتجازهم بها ، وتكثيف عمليات التفاوض عن طريق الجيش الليبى.
كان الهدف واضحا والتكليف لا لبس فيه، العودة بالمختطفين سالمين، لذا كانت سيناريوهات التفاوض غالبة على استخدام القوة، رغم طرح كل الاحتمالات للتعامل مع الخاطفين، وبالفعل كان لدى الخاطفين طلباتهم لدى الجيش الليبى ومنها الإفراج عن عدد من المقبوض عليهم، وهنا كانت بدايات المفاوضات الناجحة التى تداخلت فيها الأعراف القبلية، مع مرونة الجيش الليبى لتحقيق مطالب الخاطفين وتحرير المواطنين المختطفين.
كان رجال المخابرات العامة يشاركون فى مسار التفاوض وهدفهم إرسال رسالة طمأنة للمختطفين بأن الفرج قريب، لذا كان من أول المطالب أن يلتقى وفد الجيش الليبى بالمصريين المختطفين فى مكان احتجازهم والاطمئنان عليهم قبل المضى قدما فى أى إجراءات تخص مطالب الخاطفين، وبالفعل تمكن اثنان من رجال المخابرات ضمن وفد الجيش الليبى من الوصول إلى المصريين المختطفين وشد أزرهم وإبلاغهم بأن عملية تحريرهم ستتم بأسرع وقت، وأن المسئولين المصريين على أعلى مستوى يتابعون القضية لحظة بلحظة.
وبالفعل استجاب الجيش الليبى لمطالب الخاطفين بالإفراج عن عدد من العناصر المسلحة المقبوض عليها، وتسلم المصريين المختطفين من خلال مجلس عرفى، ونقلهم إلى أحد المعسكرات المؤمنة التى يسيطر عليها والبعيدة عن مناطق الاشتباكات، وكان برفقتهم بالطبع رجال المخابرات العامة الذين سعوا إلى إبلاغ القيادة فى مصر بنجاح العملية وتحقيق عمليات الاتصال بين المحررين وذويهم، وإرسال مجموعة من الصور لهم وهم برفقة عناصر الجيش الليبى.
تحددت ساعة المغادرة والعودة إلى الوطن بطائرة خاصة، لكن المفاجأة كانت فى وجود الرئيس بالمطار فى استقبال المصريين المحررين، ليرسل رسائله إلى الجميع بأن القيادة المصرية لن تترك مصريا فى الخارج يحتاج للمساعدة إلا وستمد إليه يد العون، وكم أسعدت هذه اللفتة المصريين وأشعرتهم بقيمتهم، بعد سنوات طويلة تعرضوا خلالها للتجاهل والإهمال، حتى هانت عليهم أنفسهم، وباتوا لا يثقون فى مؤسسات الدولة ويتصرفون فى الغربة على أنهم بلا سند أو مؤسسات ترعاهم وتحمى مصالحهم.
رسائل الرئيس الواضحة جاءت فى وقت يحتاج فيه المصريون جميعا إلى التكاتف والاتحاد فى مواجهة تحديات البناء فى جميع المجالات لتحقيق النهضة المنشودة، وتحديات الأمن، وتحديات الفوضى التى تحاصرنا من كل ناحية، وهى كلها تحديات لن نستطيع تجاوزها إلا بعودة الروح والوعى والثقة إلى المصريين جميعا.
عودة الروح المصرية البناءة والمحبة للحياة والمتعايشة مع كل الظروف لتحقق أهدافها، وعودة الوعى بأننا نستحق مكانة أفضل، ونستطيع تحقيق هذه المكانة بالجهد والعمل، والترفع عن المهاترات والمعارك التافهة والجانبية، وعودة الثقة فى مواجهة دعوات التيئييس وشائعات الهدم والحروب النفسية التى تشنها اللجان التابعة لأعداء وكارهى هذا البلد الأمين.