حينما تسير الحياة متناسقة بين الدوافع والكوابح، متطلعة إلى السماء، متحررة من الإفساد والطغيان البشرى، تسير سيرة صالحة منتجة تستحق مدد الله بعد رضاه. فلا جرم ( محالة ) أن تحفها البركة، ويعمها الخير، وِيظلها الفلاح، وقلوب المؤمنين الحساسة المرهفة، تُبغض التخريب وتحس الاستقرار وتقدّره، وتستريح إليه وتستنيم! أما صاحب الكيد الخادع فهو مزعزع العقيدة، حائر الوجدان، لا يطمئن ولا يستقر، وهو من انكشاف ستره فى قلق دائم، وريبة لا طمأنينة معها، بل إدراكه معطل، فكأنما هذه الحواس عنده لا تستقبل ولا تنقل!
ويعتقد الدعاة إلى الخراب والإفساد أنه يحسنون صنعاً ويظنون أنهم يطبقون المنهج السليم بل يظنونه جهاداً مشروعاً!! وقائل هذا الكلام جاهل بحقيقة نفسه قبل أن يكون جاهلًا بحقيقة الشريعة؛ فإنّها مضت واستفاضت بتحريم التخريب والإفساد حتى ولو بقصد التغيير والإصلاح، ولا أريد أن أفيض بذكر النصوص الشرعيّة الدّالّة على ذلك؛ فمصادر السنة وأقوال الأئمّة كثيرة جدًا لا تسمح بأى تأويل أو تنصّل، ولا أقول ذلك لإرواء غِلة ولا شفاء إحنة (ضغينة)، بل أنها قضية بسيطة واضحة، لا تحتاج إلى جدل ولا كد ذهن لإثباتها عند العقلاء، فهى كالطمأنينة التى لا تخاف، وكالثقة التى لا تقلق، وكاليقين الذى لا يتزعزع.
ويا من ترى أن العنف سبيل للرقى والتحضر، ألا تعلم أن العرب والمسلمين فى غضون عقود قليلة أستطاعوا أن يبنوا لهم دولة " الأندلس " على أسس متينة قوامها الدين والعلم معاً، وشعارها العدل والرحمةً، نبغوا فيها فى كافة نواحى الحياة بدون استخدام للعنف!
ويا من ترى أن العنف سبيل لحل الخلاف، أين كانت القوة حين كان الإسلام فى مهده ضعيفاً لا نصير له؟ ومع ذلك انتشر بين أكثر أهل مكة المكرمة مالاً وقوةً، وأعلاهم حسباً ونسباً
ويا من ترى أن العنف سبيل لحل الخلاف، أين كانت القوة حين جاء المغول بلاد المسلمين ؟ وكان هجومهم فى قمة القوة والقسوة والوحشية، حتى أن الدماء سالت أمامهم أنهاراً. وحطّموا الحضارة الإسلامية تحطيماً؛ فهدموا القصور والمساجد، وقتلوا العلماء. ووصلوا إلى بغداد – عاصمة الخلافة – وأحرقوا مكتبتها الشهيرة وقتلوا الخليفة وأهله. ورغم هذا كله نهض الإسلام من جديد واجتذب إليه هؤلاء الغزاة البرابرة، فدخلوا فى الإسلام وأصبحوا من جنوده.
ويا من ترى أن العنف سبيل لحل الخلاف، أين كانت القوة حين انتشر الإسلام فى بقاع لم يطأها المسلمون إلا عابرى سبيل أو تجار، كماليزيا وإندونيسيا والهند والصين وغيرها ؟
ويا من ترى استخدام العنف لإسقاط ما تسميه بالانقلاب من وجهة نظرك أنت وتناسيت الملايين الحقيقية التى خرجت لإسقاط النظام الذى تؤيده، وتناسيت تأييد أهل الحِل والعقد، ولئن ظننت أنه غلبة بالقوة فتنـزلاً فى حوارى معك ألا تعلم المبدأ الفقهى القائل بطاعة من غلب وهى أن يتغلب رجل على الأمر ويتم له التمكين ويستتب له الأمر وتحصل له الشوكة وتخضع له أغلب الرقاب فهذا تجب طاعته وتصبح ولايته شرعية لما فى ذلك من المصالح العظيمة من حقن الدماء، وحماية الثغور، وضبط الأمن بحفظ الأعراض والأموال، ومذهب أهـل السنة والجماعة أن الإمامة تصح أن تعقد لمن غلب الناس، وهذا ليس إقراراً لقولك ولكنه تنـزلاً وترخصاً فى اعتقادك، فما حدث فى بلدنا مصر رغبة شعبية بأغلبية فى التغيير، واختيار حر وموفق من شعبها لرئيسها الحالى، وإذا علِمنا ذلك فلماذا العنف؟
محـمد محمود حبيب يكتب: متى كان العنف سبيلا نافعا للتغيير والإصلاح؟
الإثنين، 25 يناير 2016 08:07 م
اشتباكات - أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د. محمد هانى
نعم لا للعنف احسنت
عدد الردود 0
بواسطة:
هند حسان
فاعلى العنف فئة ضالة
عدد الردود 0
بواسطة:
هند حسان
حقيقى لا سبيل من العنف
عدد الردود 0
بواسطة:
د. على التاجى
لا للخروج على الحاكم
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل محمد
مقال رائع
الله عليك يا صديقى الله ينور
عدد الردود 0
بواسطة:
تامر الجبيلى
نعمة الأمن والاستقرار هبة من الله
عدد الردود 0
بواسطة:
تامر الجبيلى
نعمة الأمن والاستقرار هبة من الله
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلام
برافو يا استاذنا
الله عليك ربنا ما يحرمنا منك على توتير وهنا
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلام
برافو يا استاذنا
الله عليك ربنا ما يحرمنا منك على توتير وهنا
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلام
برافو يا استاذنا
الله عليك ربنا ما يحرمنا منك على توتير وهنا