تتفق أو تختلف معى، لكننى أؤكد أن الأمريكى دونالد ترامب، المرشح الجمهورى المحتمل للانتخابات الرئاسية، لا تحبه الكاميرا، ولا يصلح أن يؤدى سوى دور ثانوى لساقى فى حانة، أو شرير يموت فى المشهد الثانى من فيلم ردىء، هذا على الرغم من كونه يحلم بدور بطولة فى فيلم من أفلام رعاة البقر، شريطة أن يكون ممتلئا بالدم، وكلنا يعرف هذه النوعية من الأفلام ويعرف تفاصيلها وعنفها ومراهناتها التى يعتبرها الأمريكان معبرة عن مرحلة حضارية مرت بها البلاد التى قتلوا سكانها الأصليين، حيث كرست السينما من خلال هذه الأفلام لقيم معتمدة على الشهوة والمغامرة والقتل العشوائى والإيمان بأن البقاء للأقوى فى محاولة كبرى من الأمريكان، ليبرروا قتلهم لملايين الهنود الحمر بلا سبب.
وجاء «ترامب» يسعى للترشح لحكم أمريكا مصحوبا بفكرة «الكاوبوى»، ومعتمدا على مغازلة العنف داخل النفوس الأمريكية، وفى تصريحات أخيرة له أكد أن دعم ترشحه للرئاسة لن يتراجع حتى لو قام بإطلاق النار على شخص ما وسط حشد مزدحم، ولم يحدد «ترامب» مقصده من وراء هذه الكلمات، لكن معناها واضح تماما، أنه يراهن على الخوف الأمريكى ويبعث فى نفوس مؤيديه تصوراتهم الصبيانية عن إظهار القوة بارتكاب العنف.
وشخصية «ترامب» ليست جديدة فهى تشبه الكثير من دكتاتورى العالم صانعى الخوف فى النفوس الإنسانية والباحثين عن الطاعة العمياء من شعوبهم، ولو حدث وأصبح مرشحا للحزب الجمهورى، ثم حدث وفاز فى الانتخابات، فإنه سيسعى لتدمير العالم، وذلك فقط حتى يجعل الأمريكان يشعرون بالخوف الدائم، ويلهو بعد ذلك بعواطفهم مثلما فعلت أسرة «بوش» من قبل، هذه الشخصيات بتفكيرها السقيم لا تجيد حكم شعوب مطمئنة، وهذه سمة أساسية من سمات أفلام رعاة البقر أيضا، فهى لا تتحقق سوى فى مدن يسكنها الخوف، حتى يستطيع البطل الذى لا يترجل عن حصانه ويمسك فى يده مسدسين وموهبته تكمن فى سرعة إطلاق الرصاص والقتل، فى إنقاذ المدينة البائسة التى تسعى للحصول على بطل.
كل تصريحات ترامب وأمثاله الذين يملأون أمريكا لا تأتى من فراغ ولا تذهب للفراغ أيضا، بدليل أنه رغم التصريحات العنصرية والغريبة والشاذة التى تحدث بها ترامب لم تغير رأى كثير من مؤيديه ويتوقع له كثير من السياسيين والمحللين النجاح ويصفونه بالأوفر حظا، وحينها بالتأكيد سوف تشتعل الحروب ويحترق الجميع وتضيع أوطان جديدة ويصبح هناك صناع حرب وإرهابيون جدد، كما سيكون هناك أبرياء وضحايا ومشردون جدد أيضا، بينما ترامب بوجهه الذى لا تحبه الكاميرا سيظل راكبا حصانه والقبعة الأمريكية تلقى بظلالها على وجهه الممتلئ بالدم، بينما الدخان ما زال يتصاعد من مسدسيه.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ماجد
للأسف نحن نلعن النتائج ونتجاهل الأسباب