لم أرغب فى التعليق على رفض حوالى 325 نائبا أو أكثر قليلا لقانون الخدمة المدنية الجديد فى الجلسة المسائية للبرلمان يوم الأربعاء الماضى، حتى أستطلع من خلال زملائنا الصحفيين داخل البرلمان عن رأى عدد من النواب الرافضين للقانون.
وكما توقعت فالغالبية منهم لم تقرأ القانون ولم تناقش مواده أصلا والبعض رفض مجاملة للناس فى دائرته والبعض الآخر خاف من هجوم رواد الفيس بوك وتويتر، وهناك من اعتبر الرفض ضروريا فى الفترة الحالية بسبب الظروف الأمنية مع اقتراب ذكرى 25 يناير والخوف من خروج شريحة الموظفين للتظاهر فى هذا اليوم، وأستغرب من بعض الذين كنا نظن فيهم الحرص على المصلحة الوطنية وإعلاء شأنها فوق أية حسابات شخصية أو مصالح حزبية ضيقة أن يخرجوا علينا بالقول إن قانون الخدمة المدنية لن يمر إلا على جثثنا.
المحزن أن بعض النخبة بدورهم يزايد على القانون، وأشك أنه اطلع عليه أو قرأه أو تابع ندوات ومؤتمرات وزير التخطيط أشرف العربى لشرح مواده. للأسف مازالت المزايدات والهوى السياسى هى المتحكم فى تقييم المواقف السياسية والاقتصادية وحتى الشخصية ولن يعجب هؤلاء أى شىء طالما ظلوا متمترسين خلف هواهم ومزايداتهم السياسية.
هل معنى ذلك أن القانون ليس به ثغرات وعيوب يجب أن تناقش وتراجع..؟ بالتأكيد هناك ملاحظة أو ملاحظتان وربما ثلاثة ملاحظات فى مواد القانون والمنطقى أن يتم مناقشتها بعقلانية وليس بالصوت العالى وبالمزايدة على الحكومة والدولة، فالرئيس السيسى فى عيد الشرطة حسم الموقف، فلدينا ما يقترب من 7 ملايين موظف فى الجهاز الحكومى ولا نحتاج سوى مليون أو 2 مليون على الأكثر.
ولذلك أنا أقول إن شريحة الموظفين الغاضبة من قانون الخدمة المدنية الجديد، هم الذين استحلوا مال الدولة دون عمل حقيقى أو إنتاج فى جهاز الحكومة المترهل، الذى تحول طوال السنوات الماضية إلى أوكار للفساد الإدارى والمالى والفوضى والعشوائية وتدنى مستوى الخدمات، حتى أصبح نموذجا ومضربا للأمثال على البيروقراطية الفاسدة والروتين العفن. لا يختلف أحد - إلا المزايدون والفوضويون - على أن الجهاز الحكومى فى مصر بعدد موظفيه يحتاج إلى نسف وثورة حقيقية للإصلاح الإدارى، وفقا لمعايير ومقاييس الكفاءة الوظيفية والجدارة والاستحقاق وليس وفقا لمنطق «الفهلوة» و«البلطجة الوظيفية» الذى ساد، ومازال سائدا، فى كل مؤسسة حكومية، لدينا جهاز حكومى يحتمى فيه أكبر عدد من الموظفين فى العالم مقارنة بعدد السكان، ومع ذلك فالإحصاءات الرسمية طوال السنوات الماضية تكشف مهزلة عائد الإنتاج والعمل للموظف الحكومى فى مصر الذى يتقاضى راتبا وحوافز وبدلات وعلاوات مقابل 15 دقيقة عمل فى اليوم..!
هذا هو الحال الذى وصل إليه العمل الحكومى داخل جهاز الدولة من «ضرمخة واستهبال وإهدار علنى وواضح للمال العام»،، فالرواتب والأجور فى الميزانية العامة للدولة تقدر بحوالى 221 مليار جنيه..ياااالله. والحكومة بالطبع طوال أكثر من 40 عاما مسؤولة مسؤولية كاملة وصريحة عن هذه الجريمة، التى أدت إلى تكوين تنظيم كبير داخل الجهاز الحكومى لأصحاب المصالح والمستفيدين والانتهازيين، وهم الغاضبون الآن من تطبيق قانون الخدمة المدنية. وكما قال الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط، فإن القانون هو ثورة إصلاح إدارى حقيقى لرفع كفاءة العاملين بالجهاز الإدارى ومحاربة الفساد الإدارى والمحسوبية والقضاء على فوضى وعشوائية الحوافز والمكافآت والعلاوات، وبالتالى فهو فى صالح الموظف المجتهد، صاحب الضمير الحى، الذى يؤمن بقيمة العمل، وهو ما نريده فى المرحلة الحالية، وليس الموظف «البلطجى الخامل»، فهو قانون لمن يحب العمل والاجتهاد والابتكار والإبداع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد زلطة
يعني حضرتك اللي قرأته
عدد الردود 0
بواسطة:
اونكل زيزو
وهل فشلت الحكومه فى تعيين الشعب كله
عدد الردود 0
بواسطة:
mostafa
المطبلاتية
عدد الردود 0
بواسطة:
حسبنا الله ونعم الوكيل
حسبنا الله ونعم الوكيل
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
اللي مايعرفش يقول جهل---وزيرالتخبيط
عدد الردود 0
بواسطة:
حنان سعيد
قانون ظلم على فئة تريدون هلاكها
عدد الردود 0
بواسطة:
م / ابراهيم هلال
التعليقات اقوى من المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
فهمي
قانون ظالم وكتاب لا يشعروا بمعانات الشعب