لا شك أن هبة الشعب فى 25 يناير كانت بكل المقاييس هبة شعبية وجماهيرية استشعرت مدى الوهن والعجز والشيخوخة التى أصابت نظام مبارك الذى تجمد وتخشب طوال ثلاثين عاماً. فقبل يناير 2011 بسنوات كانت علامات الضعف قد بدت واضحة وضوح الشمس حيث كانت الحركات السياسية مثل كفاية وغيرها قد نزلت إلى الشارع وكسرت كثيراً من القيود والخطوط فى مواجهة السلطة.
نعم لم تكن مظاهرات يناير تضع فى حساباتها إسقاط مبارك ولكنها كانت مطالب إصلاحية كثيراً ما نادت بها كل القوى السياسية حيث أن المظاهرات السابقة ليناير واللاحقة لم تكن نتاج فعل ثورى ناتج عن تنظيم ثورى يضم كل القوى الثورية ليضع فى حساباته سقوط النظام حتى يكون هو البديل الثورى للنظام.
ولكن الأحداث تسارعت بهدف إحداث فوضى حقيقية فى الشارع ابتداءًً من 28 يناير 2011 الشىء الذى جعل من نزول الجيش ضرورة ملحة لحفظ الدولة أكثر منه حفظ النظام. ولذلك ومع تصاعد الأحداث وسقوط مبارك كان المجلس العسكرى هو البديل للنظام والبديل للفوضى أيضا. وهذا يعنى أن هناك قوى داخلية وأخرى خارجية استغلت مظاهرات 25 يناير تحديداً لإحداث الفوضى وإسقاط الدولة وليس النظام.
وهذا يعنى أن المظاهرات أياً كانت قوتها وأياً كان هدفها لا تنتج ثورة بالمعنى السياسى أى التغيير الجذرى لمناحى الحياة للأحسن. حيث إن الأهم مع المظاهرات هو البديل الثورى الحقيقى الذى يدرك ويعى ويملك وسائل وآليات هذا التغيير الثورى.
كما أن مظاهرات 30 يونيو التى كانت موجة ثانية ليناير وبنفس المواصفات مع اختلاف فى المواجهة مع مبارك فى يناير ومع الإخوان فى يونيو ولكن كان أيضاً المجلس العسكرى هو البديل المؤقت للسلطة وذلك لغياب التنظيم الثورى. وعلى ذلك فما معنى تعبير الثورة المستمرة؟ هل المقصود هو استمرار المظاهرات التى تتم بشكل عشوائى وفى غياب تنظيم ثورى وانعدام الأحزاب السياسية التى لا تملك أى وجود فى الشارع؟ وبذلك هل هذه المظاهرات التى يمكن أن تتداخل فيها المطالب الفئوية وإثبات الذات التى لا علاقة لها بأى موقف سياسى وبالتالى من الطبيعى استغلالها من أصحاب المصلحة لهدم الدولة وليس النظام بهدف استعادة ما يسمى بالشرعية المفقودة فهل هذه هى الثورة المستمرة؟
وإذا كانت هذه المظاهرات يمكن استغلالها داخلياً وخارجياً بهدف إحداث الفوضى كما حدث فما هو البديل لو سقطت السلطة كما يريدون؟ وأين البديل الثورى والسياسى الحقيقى الذى يسعى لتحقيق الثورة لصالح الوطن ولصالح الجماهير؟ مع العلم أننا وبكل تأكيد لا نريد ولا نرغب أن نصادر على المعارضة ولا على الرأى الآخر فهذا حق وواجب حيث إن المعارضة هى جزء من النظام السياسى لا يكتمل النظام بغيرها ولا يرى النظام بدونها.
فالمعارضة هى التى تمتلك رؤية سياسية تنبع من توصيفها للواقع توصيفا سليماً مع إدراك الظروف والتحديات الداخلية والخارجية بصورة موضوعية حتى تثبت فشل السلطة فى إيجاد الحلول التى تراها المعارضة والتى يمكن تنفيذها. وخروجاً من نطاق الصراعات النظرية والمنطلقات الذاتية تحت مسمى الوطنية مطلوب حوار ومهم وسريع جامع لكل القوى الوطنية فى إطار من المصارحة حتى يدلى الجميع بدلوهم لصالح الوطن والشعب الذى لا يزال يعانى وينتظر تحقيق الأمال المرجوة. فهل يحدث هذا حباً فى مصر وشعبها العظيم قبل أن تفلت الفرصة من بين أيدينا؟
عدد الردود 0
بواسطة:
اديب عطا الله
الحق مش عليك
عدد الردود 0
بواسطة:
sameh
للكاتب اقول