قدماء المؤيدين.. وقدماء المعارضين
الخلاف والاختلاف طبيعى وربما كان ضروريا، وإلا كان يكفى أن يكون هناك إنسان واحد بصورة واحدة. وهناك فرق بين التقييم والتشاتم والعناد، والتنابذ بالألقاب، العاديون من الشعب يحاولون قراءة الواقع بلا تهوين أو تهويل، إلغاء أو تقديس.
نقصد من يعتبر 25 يناير، ثورة ومن يعتبرونها نكسة أو مؤامرة. كلاهما عند الماضى، يعانى عقدة «حسنى مبارك»، الرئيس الذى حكم مصر لثلاثين عاما، وهى مدة تجاوزت فترات حكم نجيب وعبدالناصر والسادات مجتمعين، وبعد خمس سنوات، ما يزال يؤثر فى كل المؤيدين وكثير من المعارضين، عجزوا عن تجاوز عصره، يراهنون على فرد وهم من خرجوا ضد حكم الفرد.
طبيعى أن يظل مؤيدو مبارك وعصره يرونه بأنه مصر الحديثة، ويدافعون عنه، وعن أيامه، ويرون أن ما كان يقال ويتردد عنه أنه سبب كل الكوارث، غير صحيح. يقولون «كانت مصر آمنة ومستقرة ونسبة النمو مرتفعة، استثمارات ودولة قوية إقليميا ودوليا». يتجاهل هؤلاء أن العدالة قد غابت والفقر قد اتسع، وأن مبارك نفسه فقد السيطرة، ونمت عليه «طحالب الجمود». وأن مبارك كان سيرحل فى كل الأحوال، وأنه خلال سنوات ترك أفق التحول واحتمالات التوريث قائمة، وأن رحيله المفاجئ فى أى لحظة كان سيخلق نفس حالة عدم الاستقرار.
بالمناسبة حتى الملكية فى مصر لها من يؤيدها ويقتطع صورا من عالم الأثرياء، ليقول إن مصر الملكية كانت مبهرة، متجاهلا ثلاثة أرباع الشعب الفقير الأمى الحافى، والمفارقة أن الدكتورة لميس جابر وهى من أنصار القول، أن العصر الملكى كان عظيما، وترى أن مبارك أيضا تعرض لمؤامرة فى يناير، بل ترى أن المتظاهرين قتلوا أنفسهم ليلصقوا التهمة بمبارك.
بينما يعانى بعض أنصار مبارك من عقدة الأب، فإن بعض معارضى مبارك مازالوا يلعبون نفس الدور، متجاهلين حجم التغيير الذى صنعته 25 يناير، وتراكمات ومشكلات تسكن جسد الدولة ومؤسساتها، بعض من صنفوا أنفسهم ثوارا يقفون عند الأيام الـ18، دون أن ينتقلوا لكون الثورة تتوقف لتبدأ سياسة، بطبعها متغيرة، تحتمل المناورة والصراع السلمى بين الأطراف والمصالح المتعارضة.
هناك زعامات حولت الثورة إلى ضجيج أجوف، ومعارضون «قدماء»، يلومون الشعب، ويطالبون الناس بدفع ثمن تغيير بلا ملامح، وعندما منحهم الشعب الفرصة ظلوا عند حالة الهياج الإعلامى والافتراضى. لا يفكر أى منهم أنه بحاجة لمراجعة مواقفه والتخلص أولا من عقدة مبارك، أو الزعم أنه ونظامه ورجاله مازالوا موجودين، يتجاهلون ما يمدحونه بأنهم فعلوا ثورة عظيمة، ربما الأطراف كلها بحاجة لتجاوز التأييد والمعارضة بالمكان، وترك التقييم للتاريخ، 25 يناير أسقطت القداسة والهيبة عن الأفراد وجعلت الشعب شريكا، والسلطة أيا كانت تضع ذلك فى اعتبارها، لن تتكرر السلطة التى كانت 24 يناير.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة