مرت الذكرى الخامسة لثورة يناير بسلام، لا مظاهرات، لا احتجاجات، لا دم، لا عنف، لا إخوان، لا شباب يناير، لا شىء غير الاستنفار الأمنى.. الاستنفار إجراء احترازى مهم من الأجهزة الأمنية خوفًا من أى تداعيات، ولكن مع الاستنفار تولد الخوف، وبدا واضحًا أن الدولة بأجهزتها تخاف من يناير وذكرى الثورة، أو من أى تحركات إخوانية، أو دعوات لمظاهرات فى الشوارع.. الاستنفار حوّل يوم 25 يناير من ذكرى ثورة إلى يوم خوف، مع الأخذ فى الاعتبار أن كل أطراف المعادلة السياسية فى مصر غير راضية عن هذا اليوم، الدولة أو تحديدًا بعض مؤسسات الدولة تعتبر أن هذا اليوم نكسة ومؤامرة على البلاد.. الإخوان يعتبرون أن الذكرى لا تعبر عن الثورة، لأن الثورة تمت سرقتها.. شباب يناير يعتبرون أن الإخوان هم من سرقوا الثورة وضيعوها، ولم تتحقق نتائجها حتى الآن.
خوف الدولة، أو كما يبدو لنا خوفًا، ليس من يناير كذكرى انطلاق ثورة، لكنه من أى دعوات لتظاهرات، وهنا السؤال: ماذا سنفعل يوم ذكرى 28 يناير «جمعة الغضب»؟، وماذ سنفعل يوم 2 و3 فبراير «موقعة الجمل»؟، وماذا سنفعل يوم 11 فبراير «ذكرى التنحى»؟، وإذا مرت هذه الأيام بسلام، فماذا نفعل يوم 30 يونيو أو 3 يوليو أو حتى 26 يوليو أو 14 أغسطس.. فى اعتقادى، لو ظلت الدولة تواجه كل هذه الذكريات بمزيد من التشديد الأمنى، لدرجة تصل إلى حالة الطوارئ، فنحن فعلًا فى خطر، ليس خطرًا معناه تهديد أمن البلاد، لكن خطر من انتشار الخوف بين نفوس الشعب المصرى، والخوف لا ينتج مستقبلًا طيبًا أبدًا، ولا ينتهى بتقدم.
الإخوان فعليًا على الأرض ليسوا ضمن المعادلة المصرية، لا فى معادلة المعايشة، ولا حتى معادلة السياسة، ليس لأن الدولة ترغب فى ذلك، ولكن لأن الشعب أراد ذلك، هو من كشفهم على حقيقتهم، وأظهر معدنهم السيئ فى القفز على الدولة، واحتكار كل المراكز القيادية فيها، ومن قبل ذلك ازدواجيتهم فى التعامل قبل توليهم السلطة وبعدها، ومن هنا وجب السؤال من جديد: لمصلحة من ننشر الخوف؟
آسف.. أمر آخر أريد الحديث عنه، ولومى الشديد هنا للدولة المصرية بالأساس، خرجت إلينا عبر الصحافة تسريبات منذ أسبوعين عن قرار مرتقب بالإفراج عن عدد من الشباب المحبوسين والصحفيين فى السجون، المتهمين فى قضايا التظاهر، وتزايدت الأنباء المنتشرة باقتراب يناير، وانتظرنا جميعًا، ولكن مرت ذكرى يناير دون صدور القرار، ومرت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى دون أن يتحدث عن الشباب المحبوسين فى قضايا التظاهر.. بكل وضوح، لابد أن نكاشف أنفسنا، هل هناك مظلومون فى السجون؟.. نعم هناك.. وماذا يجب أن تفعل الدولة؟.. عليها أن تخرجهم، لكى نبدأ حياة سليمة، ليس بها أى شوائب، لكى تواصل الدولة بقيادتها الحالية استكمال ما تريد من مشروعات.
رجائى الأخير.. لا نريد أن نستبدل بدولة استبداد مبارك وانتهازية الإخوان، دولة خوف جديدة.. لن نكون دولة خوف.. لأننا فعلًا بدأنا فى خطوات إصلاحية حقيقية، ومشروعات قومية تنبئ بفكر مختلف للإدارة، مقارنة بـ 60 سنة ماضية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة