ينزل الله عز وجل لنا كتابا كريما فى ٦٠٤ صفحة تتفاوت آياته من حيث الوضوح والتورية حسب مشيئته تعالى وكل شىء عنده بحساب وكل شىء عنده بمقدار، لم يفسر الرسول "ص" منه إلا آيات معدودات بأمر من الله، ثم تناول البشر الكتاب بمليونى ضعفٍ شارحين منه ما صرح وما وارى وناسخين بعضاً منه بالحديث!
ما تركوا آية صريحة كانت أو موارية إلا وشملوها بالاجتهاد والإيضاح والشرح وخاضوا واختلفوا، وكان مُنْزِلَها تعالى أولى بذلك منهم لو أراد!
وكلها اجتهادات بشر ليس لها أن تدرك من مراد الخالق فى توريته التى يعمد إليها عامدا متعمدا إلا بالظن، وأن بعض الظن إثم وحاشى لله أن تزيد إيضاحا على ما أوضح سبحانه.
أتعرفون أنه بلغ بمن لا يجيدون العربية كأربابها الظن بأنفسهم أنهم معلمو اللغة أهلها مدعين أن بكتاب الله أخطاءً نحوية! متجاهلين فى ذلك حقيقة أن النحو نفسه وضع قياس على آيات القرآن وليس العكس وكأن العرب الأوائل كانوا غافلين عما فطنوا هم فى زمن لو فات على أحدهم الخطأ فيه ما فات على آخرين خصوصا وبه (ص) يتربص المتربصون ذلك الذى؛ بزعمهم ؛ مدعٍ يقول إنه يأتى بكلام من عند الله! كل ذلك وهو (عليه أفضل السلام) لا ينطق عن الهوى ولا يمكن للكتاب أن يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ! هؤلاء ماذا تظنون أنهم فاعلون بما صنعت أيدى الناس؟
وما بالنا بكتابات بشرية تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ؟ هنا الحرج الذى وضعنا فى الحرج كله بما أضيف من صنيعة الصانعين مع ما صيغ من السيرة والحديث ظنا منهم؛ وقد أحسنوا الظن قطعا؛ أنهم سدنة الدين وخدمته! ولكن الله أعلم أأحسنوا العمل أم بالغوا فيه بما ليس فى طاقة البشر ولا علمه ولا ينبغِ الخوض فيه !
النتيجة، ما لم يطاله المتطاولون من المستشرقين وغيرهم من الكِتَاب طالوه من شروح وتفاسير وروايات البعض ولم يدخر هؤلاء جهدا فى حسابه على القرآن !
إذا نحن قبلنا أن نحول العمل الإلهى إلى عمل بشرى ! كيف نفترض أن على الناس احترام ما صنعت أيدينا؟
علينا أن نكون واقعيين وأن نتعقل لحل المشكلة التى تفاقمت حتى وصلت لشبابنا وفى عقر دارنا، فلن نمنع الناس عن التفكير والبحث وقد أصبح مناط الكل وهم فى يسر منه بعد دنيا الإنترنت، ولن نغل ألسنتهم فنحن إن ملكنا أنفسنا أو فرضنا عليها فرضاً لا نملك على الآخرين، فلماذا لا نقطع ما يثير الفتن إذا كنا لا نملك لألسنة الدنيا قطعا.
عموما قد وكِل للأزهر تطوير الخطاب الدينى، وزادنا اليوم رجلٌ من رجالاته مغردا داخل ذات السرب وخارج السرب الذى يسير فيه الكون تعليقا على مجريات الأحداث فى مصر يطالب بسن قانونٍ دولى إمعانا فى التمسك بقوانين لا مثيل لها اليوم إلا فى بلادنا وقد كنا نأمل أن نمحوها وتنتهى هى وكل ما يشوه الإسلام والمسلمين تماما من على وجه الأرض، لوجه الله ومحبة فى دينه لا غير، ولكن على العكس تماما من كل هذا وكأننا جميعا فى مصر نحرث فى البحر طالب سيادته مع كل الاحترام لثقافته بتطبيق "قانون ازدراء الأديان" دولياً !!
ليس لدى تعليق إلا أن أثبت حالاً:
"لا يزال قانون ازدراء الأديان مستمراً ولا يزال التراث على حاله مذ طالبنا بالتغيير ومازلنا بذلك نحارب الإرهابيين دون الإرهاب"
* أستاذ بطب قصر العينى.
إيمان رفعت المحجوب
قانون ازدراء الأديان بين حلم البعض بتطبيقه دوليًا!!
الأربعاء، 27 يناير 2016 10:00 م