على مدار 4 أيام متواصلة، كنت شاهد عيان على مئات من الاستغاثات اليومية، التى تلقاها الكاتب الصحفى والإعلامى خالد صلاح، فى برنامجه «آخر النهار»، على قناة النهار، عن قضية أبنائنا الطلاب المغتربين فى الخارج، وأزمة الفصلين الدراسيين والامتحانات والتنسيق.
سيل من الشكاوى المختلفة بينهما قاسم مشترك هو رفض إجراء الامتحانات مرة واحدة فى السنة وليس مرتين، كما كان فى الماضى، الطلاب أنفسهم أبناء الـ15 عاما سجلوا مقاطع فيديو عن معاناتهم التعليمية طوال العام، وعن تأخر وصول الكتب إليهم، والمحتوى الثقيل فى المناهج التعليمية، مقارنة بأعمارهم السنية، الأهالى عرضوا دفع نفقات إضافية لإعادة الامتحانات على فصلين دراسيين، ولكن وزارة التربية والتعليم ما زالت تدرس.
الدراسة هنا بالطبع مهمة ومحل تقدير، ولكن ماذا تفيد الدراسة لو سمعت أحد الأمهات من المصريات فى الخارج تقول: «كيف تطالبوننا بالولاء والانتماء للدولة، والدولة نفسها تقف ضدنا؟»، ماذا تفيد الدراسة وأحد المصريين فى مدينة الرياض بالسعودية يقول: «إن الدولة تحتاجنا فقط وقت الاستفتاءات على الدستور والانتخابات وبعدها تنسانا»، ماذا تفيد الدراسة، حين يشعر أبناؤنا فى الخارج بالتجاهل من قبل الحكومة، خاصة أن الوزير المختص، وزير التربية والتعليم، كما قال بعض أهالينا فى الخارج: «عمل بلوك للناس اللى كلمته على التليفون».
أعتقد، بل أنا على يقين، أن قضية التعليم على فصلين دراسيين، ليست قضية فنية نحللها من منظور تعليمى ومالى، وتكلفة ذلك على الوزارة، ولكنها قضية أمن قومى بامتياز، لأن ما نفعله فى أبنائنا بالخارج يعود بالسلب على مئات آلاف من شباب، حتما سيعودوا لأرض المحروسة بعد عام أو اثنين أو 10 أعوام، سيعودوا ولكنهم يشعرون بأن هذا البلد لم يقف إلى جوارهم فى النشأة.
عزيزى القارئ، ما هو وضعك لو أنك تعيش فى دولة الكويت، وابنك حصل على %99.5 فى الثانوية العامة وكرمه وزير التعليم الكويتى، وفى تنسيق الثانوية العامة المصرية، لم يستطع ابنك أن يلتحق بكلية الطب؟ طبعا حضرتك ستقول: «إزاى ده.. يعنى 99 ونص وما يدخلش طب».القصة بكل بساطة أن دولة الكويت تم تحديد %05 لها فى تنسيق مصر، وبالتالى الطالب الحاصل على 99 ونصف لن يلتحق بكلية الطب، والأدهى أن السوريين والفلسطينيين المقيمين بالكويت والحاصلين على %90 يلتحقون بكلية الطب فى مصر.. غريب الأمر.. لكن هذه هى الحقيقة المرة.
تذكرت نقطة مهمة، تخيل أن أولياء أمور طلابنا المغتربين الذين يواجهون أزمة فى تعليم أبنائهم، هم أنفسهم الذين وقفوا إلى جوار الدولة المصرية بعد 30 يونيو، وبدأوا فى توجيه تحويلات مالية للحفاظ على استقرار السياسات المالية المصرية من الاهتزاز وضمان استقرار سوق الصرف.. فهل هذا هو رد الجميل؟
أخيرا.. لو كنا حقا نطالب بمنظومة تعليمية مختلفة، تنتج فى النهاية شابا مصريا صالحا للوطن، فعلينا أن نبحث فى تلك التفاصيل الصغيرة بكل تعقيداتها، لأن التفاصيل سبب مهم فى نجاح المنظومة بالأساس، خاصة إذا كان الأمر يتعلق أيضا باهتزاز المصريين المغتربين فى ولائهم وانتمائهم للبلاد.
ننتظر قرارا من الدولة المصرية ينصف أهالينا فى الخارج، يرفع عنهم ظلم قرار وزير التعليم، يعيد إليهم الشعور بأن الدولة المصرية لا تلجأ لهم فقط فى الاستفتاءات.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علاء الدين عطا الله
التعليم الموازى دمر مصر