توريث فضلات الجهل وعلوم الكراهية
من يرد البحث عن أصل الإرهاب الداعشى، وفوضى الخطاب الدينى، فما عليه إلا أن يتابع كيف تقوم من حولنا منصات نشر الكراهية والاتجار فى الفتاوى والأديان ممن يملأون عقول الجهلاء بالكراهية ليتحولوا إلى قتلة، لا ينشغلون بغير بطونهم وغرائزهم، يسيئون للإسلام والإنسانية، ويقتلون رحمهم بلا شفقة، مثلما رأينا قاتل خاله، ومفجر المساجد، وكله لايهم، مادامت تمتلئ جيوب وبطون وغرف نوم الدعاة المدعين.
تحدثنا من قبل عن فوضى الاتجار فى الفتاوى، وضربنا مثلا بمذيع كان يعرض الأسئلة على دعاة ليجيبوا عليها، ومع الوقت تخلى عن الضيوف وافتتح لنفسه كشك فتاوى من عينة زيروتسمعية، وكانت موضة تنتشر لا تفرق بين برامج الطبخ وأكشاك الفتاوى، وإذا كان العادى أن يرث الشاب من أبيه كشك حلويات أو بنزينة، أو محل سباكة، لكن أن يرث فتاوى فهو من سخريات الزمان، وخلط الشاى بالخُلنجان.
المناسبة ليست حادثة واحدة، وإنما توارث تجار فتاوى الكآبة وناشرو الكراهية ممن استسهلوا الفتوى وأصبحنا نجد فلانا ابن الداعية فلان أو شقيق الداعية الشيخ علان، ولا هو داعية ولا شقيقه شيخ، إنما جماعات من تجار الصنف الدينى بلا علم ولا معرفة غير تجارة الكراهية وتحريم كل شىء وتكريه الناس فى حياتهم ومعاشهم ودنياهم وآخرتهم. بينما هؤلاء الدعاة المدّعون يكدسون المال من تجارة الفتاوى ويعيشون الدنيا بالطول والعرض، بينما يكرّهون الناس فى عيشتهم.
وأصبحنا نرى عائلة المدعى، وقد تحولت فى غمضة عين إلى دعاة يتاجرون فى الفتاوى والدين وبالآيات والأحاديث، وليتهم ينشرون العقيدة أو الفقه أو يحضون على النظافة وحسن المعاملة، إنما يصرون على نشر وإشاعة الكراهية والطائفية والمذهبية، وبالتالى فإن انتشار التنظيمات التكفيرية الداعشية، نتاج لهؤلاء المدعين ممن ينشرون الكراهية التى تجعل المسلم يقتل المسلم لمجرد اختلافه فى المذهب، وطبعًا يقتل المختلفين معه فى العقيدة أو حتى فى طريقة التفسير، وعليه لا يصبح مثيرًا للدهشة والأتربة أن يخرج علينا أحد أبناء الدعاة المدعين ليصدر فتاوى الكراهية ويحرض على المسيحيين مثلما يحرض غيره على المختلفين فى المذهب، ويحتفون بالإرهابيين من داعش أو النصرة أو جيش الإسلام وباقى جماعات وتنظيمات المرتزقة القائمين على الفتاوى، ولهذا نسمع ونقرأ عن نجل الحوينى وابن عم الداعية الفنزويلى وابن خال الداعية الفنطلونى وفريديان الأنطاكى وعبدالفتاح الفرنساوى وشوشحان البلاليطى، وكلها كنيات يتزين بها المراهقون ممن تم حشو رؤوسهم بفضلات الأفكار والتفسيرات من دعاةٍ هدفهم المال فقط حتى لو كان نتيجة إشعال الحروب لصالح تجار السلاح ولصوص النفط والآثار، والدواعش ممن لا يؤمنون بأى ملة ولا دين غير دين المال وعقيدة النساء، وهذا الفكر الفضلاتى نتاج لأمثال المدعين وأبنائهم وأقاربهم، ممن حولوا الدعوة إلى تجارة تستسهل نشر الجهل بلا خجل.