ثورة 25 يناير تحولت إلى ديانة لها معابدها، وقدسيتها، ومريدوها، وأصبحت فى مرتبة أعلى وأعظم من مرتبة الوطن.. باختصار جعلوها أهم من مصر.
هذه الشيفونية الشديدة للثورة، على حساب الوطن، تعكس حالة اندثار قيم الولاء والانتماء من صدور هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الثورة، وأيضًا من قلوب جماعة الإخوان الإرهابية التى لا تعترف بالوطن وحدوده ورايته، وتؤمن بأن المسلم الباكستانى أفضل عندهم من القبطى المصرى، وهو عكس ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبًا بلدته مكة قائلا: «مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِلَىّ ، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمِى أَخْرَجُونِى مِنْكِ، مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ».
وعكس ما قاله عمر بن الخطاب: «لولا حب الوطن لخرب بلد السوء»، كما كان يُقال: «بحب الأوطان عُمرت البلدان»، وقال الفيلسوف والطبيب أبقراط: «يداوى كل عليل بعقاقير أرضه، كأن الطبيعة تنزع إلى غذائها»، أما الطبيب والأديب المصرى محمد كامل حسين فقد وصف الحالة التى تمر بها مصر بمشرط جراح ماهر عندما قال: «سيحل الناس القتل والإيذاء بدعوى الدفاع عن الدين وحماية العقيدة حينًا، وبدعوى الدفاع عن الوطن والنفس حينًا آخر، آلا فاحذروا الأمرين، إن من حمل السلاح أو آذى الناس دفاعًا عن الدين فقد وضع الدين فوق الله الذى يأمر بالحب لا بالقتل، والله كفيل بحفظ دينه، وليس بحاجة إلى عبيد خاطئين ينقذونه، وليس لأحد من العصمة ما يجعل رأيه فى زيغ العقيدة صوابًا لا يأتيه الباطل إلى حد يسوغ فيه القتل.. إن الذين يدافعون عن الدين بإيذاء الناس إنما يدافعون عن رأيهم وحدهم، بل أكثرهم إنما يدافع عن حقوقه ومزاياه، ويتخذ من الدفاع عن العقيدة عذرًا يعتذر به».
وإذا أسقطنا ما سبق على الكائن الفضائى، والداعية من فوق منابر إثارة الفوضى «تويتر»، الدكتور محمد البرادعى، تكتشف حجم المأساة الحقيقية، حيث تفرغ للهمز واللمز والتلقيح، بتهديد مصر بالجنائية الدولية، بدأها منذ شهر تقريبًا عن ادعاء الاختفاء القسرى، وعندما فشلت محاولاته بدأ أمس الأول يلوح لنا مهددًا بالجنائية الدولية، حيث قال نصًا عبر حسابه الشخصى على «تويتر»: «بمقتضى ميثاق الجنائية الدولية.. اضطهاد واسع النطاق أو منهجى ضد أى جماعة من السكان المدنيين على أساس سياسى أو دينى هو جريمة ضد الإنسانية».
البرادعى هنا يكشف عن وجهه الحقيقى، ويزيل كل دمامل الشكوك من الصدور، ويعلنها بالفم المليان، وبلسان فصيح: أنا مع جماعة الإخوان الإرهابية، وضد مصر، أنا مع ثورة 25 يناير، وهى عندى أهم من مصر.
الرجل الذى دمر العراق فى مقابل حصوله على «نوبل»، يمارس نفس الدور مع مصر بتهديدها بالجنائية الدولية، وهو أمر لم نشهده حتى مع ألد أعدائنا الإسرائيليين، وتصرفاته بجانب وائل غنيم، وعمرو حمزاوى تثير الريبة.
عمرو حمزاوى الذى كتب مقالًا فى الصحيفة الأمريكية «واشنطن بوست» خلال الساعات القليلة الماضية، ينفث سمومه ضد مصر، ويهيل التراب على كل مقدراتها، ويحرض الأمريكان والمجتمع الدولى ضدها، وكأنه ابن عاق يمارس كل أدوات التنكيل ضد أمه.
الأمر نفسه يمارسه كل أعضاء اتحاد ملاك ثورة يناير، وحركة العار غير القانونية 6 إبريل، والاشتراكيون الثوريون، وجماعة الإخوان الإرهابية، والنخبة البزراميطية الذين جعلوا من ثورة 25 يناير أهم وأقدس وأعظم من مصر.
إن التاريخ سيقف طويلًا أمام الفترة التى نعيشها، وتحديدا منذ 25 يناير 2011 حتى الآن، و ستسطر صفحاته بكل أسى وألم وبألوان حالكة السواد حجم المؤامرات والخيانة، ومحاولة إسقاط البلاد وإزالتها من الخريطة الجغرافية.. ولك الله يا مصر!