أحد هٰذه العوائق هو ألا يرى الإنسان فى الآخرين سوى العُيوب ويضخمها، أى يكون دائم التركيز فى أخطائهم ونقائصهم فيرفضهم ولا يتمكن من محبتهم. فالعُيوب التى تُركِّز فيها تصنع جدارًا بينك وبين الآخرين فتراهم بصورة غير واقعية، ولا تستطيع أن تفهم كلماتهم وأفكارهم، فتزداد الفجوة بينك وبينهم جدًّا. لذٰلك، كُن عادلاً فى تلك الأحكام التى تُصْدرها على البشر من حولك، وتيقن أن إحدى قواعد الحياة هى أنه دائمـًا ما يوجد شىء سلبى فى كل إنسان مهما كان رائعـًا، وعلى النقيض توجد إيجابية فى كل إنسان وإن زادت سلبياته. وهٰكذا أنت أيضـًا: تحمِل فى داخلك إيجابيات وسلبيات.
ويظل الإنسان فى رحلة الحياة يسعى نحو التغلب على ما به من عُيوب، وتوطيد ما به من ميزات. ومن كلمات الزعيم الهندى "ألمهاتما غاندى": "أنا أنظر فقط فى مزايا فى الناس. ولأنى لا أخلو من العُيوب، لا يُفترض أن أتكلم عن أخطاء الآخرين". وما أعظم القلوب التى تبنى فى داخلها المحبة تجاه البشر، مع ما تراها من عُيوب فيهم! فإن القلوب النقية تستطيع هدم حواجز الرفض وبناء جُسور المحبة. وقد أعجبتنى كلمات تقول:
"لا تشتكِ سوء خُلقي، إنما أرِنى فيك كيف الأخلاق تكون".
والأمر الأشد صعوبة يكمن، لا فى عدم رؤية ميزات الآخرين، إنما فى محاولة الإنسان أن يتجاهل تلك الميزات، أو أن يقلل من قيمتها متى جاء الحديث عنها. إن هٰذا السلوك يعبّر عن عدم محبة فى أعماق هٰذا الشخص، وفى الوقت نفسه هو يعمّق هٰذه المشاعر بالأكثر فتصبح دائرة مفرَّغة يدور فيها الإنسان، فتنتج مشاعر سلبية تؤدى إلى ابتعاده عن هدفه، ورسالته فى الحياة التى خُلق لأجلها وسوف يحاسَب عليها.
عزيزى الإنسان: كُن أمينًا فى تقييمك للميزات الجيدة التى يتمتع بها الآخرون، فبه تفوز باحترام كثير من الناس، والأهم هو مشاعر احترامك لذاتك. أيضـًا ستشعر بالقوة والارتياح العميقين لأنك كنتَ صادقًا، وفى الحياة ستُرَدّ عليك أمانتك.
وتُعدّ "الأم تريزا" واحدة من الشخصيات التى كرست حياتها لخدمة الآخرين ومحبتهم، فعاشت وعلَّمت المحبة بحياتها وكلماتها: "لا تقدِّم المال فقط، فالمال غير كافٍ. إنهم فى حاجة إلى قلوب تَنبِض محبةً. لذا، اُنشر حبك فى كل مكان تذهب إليه.. فالجوع إلى المحبة أعظم من الجوع إلى الخبز"؛ لتكُن لك هٰذه المحبة التى تُضيء لك طريق الحياة.
•الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسيّ.