محمود سعد الدين

المطابخ فى عالم السياسة

الأربعاء، 06 يناير 2016 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتباهى السيدات فيما بينهن بمصدر جهاز العروسين، لدرجة أن أصبح الأمر فى عقيدة الأسرة المصرية، وانعكس فيما بعد على سلوك المعلنين المصريين قبل 20 عاما، لدرجة أن إعلان «عبدالرحيم عمرو.. احتكم الأمر وهاتجوز»، لا يزال راسخا فى أجيال ممتدة.

الأبرز، فى جهاز العروسين، دائما هو المطبخ باعتباره المكان الحقيقى لإبداع الزوجة وإثبات قدراتها على التفنن فى الطهى، وبطريقة وقوف السيدة المصرية فى مطبخها وبالمنتج الذى يخرج منه بأشكال مختلفة نستطيع أن نحكم عليها، وعلى جودتها فى الطهى من عدمه، وبإسقاط جوهر المطبخ على الحياة السياسية المصرية، فيتكشف أن ما يدور بمطبخ السيدة المصرية يتطابق مع ما يدور بالمشهد السياسى مع فارق بسيط.

أى منزل يضم مطبخين، الأول حقيقى فى العلن ومطبخ خفى، بمعنى ان هناك أمهات تساعد بناتهن فى الطبخ، فما يكون للبنت إلا تقطيع «السلطة» و«قلى البطاطس»، بينما الأم هى التى تعد كل أنواع الأكل، وهنا تكون الأم هى المطبخ الحقيقى، بينما البنت هى صاحبة المطبخ الوهمى فى العلن، فى المقابل، السياسة المصرية تضم مطبخين، مطبخ لتقطيع السلطة، وهو وجوه الصف الأول فى المشهد الحالى يصرحون للصحافة يوميا ويتحدثون عن مستقبل البلاد وحالها وعلاقتها الخارجية، ومصير البرلمان وسلطاته، بينما فى الخلف مطبخ حقيقى من رجال لا نعرفهم مثل أم البنت تماما، هم من يصنعون ويرسمون ويخططون.
بكل وضوح، لا أستطيع الحكم على نسب مطبخ الأم مقارنة بمطبخ البنت.. آسف مطبخ السياسة الوهمى مقارنة بمطبخ السياسة الحقيقى الخفى، ولكن وجود مطبخين فى عالم السياسة أمر مقلق، لأنه انطباع يجعل دائما من خلف الستار لديه كل الصلاحيات لاتخاذ أى قرار بواسطة من هم فى المشهد، ويا لكارثية الأمر أن انتقل هذا الانطباع والشعور إلى قطاع من الشعب المصرى.
الوضع الحالى ينبئ بأنه تشكل فعليا مطبخ خلفى ومطبخ فى الواجهة، بدليل أن محمد بدران أعلن الانسحاب من قائمة حب مصر وبعدها بيومين عاد للائتلاف ولا نعرف لماذا انسحب ولماذا عاد؟ ولكن التقييم الحقيقى لتلك الظاهرة سيبدأ مع انعقاد البرلمان والنقاشات اليومية والمداخلات المتعلقة بقضايا الوطن.
بالتأكيد أكل الأم يكون دائما أفضل من أكل النت، ولكن فى السياسة مطبخ الأم ليس من المفروض أن يغلب على مطبخ البنت، ولا يجوز بأى حال من الأحوال أن يضم المشهد الحالى دائرتين لصناعة القرار، قد يتفقان فى عدد كبير من المواقف، ولكن مع أول اختلاف لن يخسروا هم بقدر ما يخسر المواطن المصرى.
عالم السياسة، عالم ملىء بالكذب.. اعذرنى هذه الحقيقة، ومن ثم نريد كذبة واحدة فقط، لا نريد كذبتين.. أوافق على كذبك بوقوفك مع «س» ضد «ص»، بدعوى أن «س» مع الأمن القومى للبلاد، ولكن أرفض أن تكون كذبتك هذه وراءها كذبة أخرى، مفادها أن الرجل الذى يقف خلفك يملى عليك معلومات مضللة.
تنويه مهم.. لو اعتبرتنى أنظر عليك و«أتفلسف».. فسأقدم لك الاعتزار بكل وضوح، ولكن تأمل فى الطرح، سيناريو يتكون من 3 مشاهد، رجل يخطب يتصدر الساحة ويقود السياسة، وبلد تخاف عليها، ورجل فى الخلفية يملى على الرجل الأول بما يقوله ويوجهه يمينا أو يسارا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة