لأن البلاد لا تسير فقط برؤية واحدة، وتفكير واحد، وصوت واحد، وجب أن يوجد الصوت الآخر، المنتقد بدافع وطنى، الناصح بدون أى مصلحة، المصحح للمسار لا للمزايدة ولكن من أجل الوطن.
أساس الحديث أنه لا خلاف على المجهود الرائع الذى يقدمه الرئيس عبدالفتاح السيسى من مشروعات قومية تؤسس لمستقبل طيب لأبنائنا، غير أن إدارة القيادة السياسية فى عدد آخر من الملفات تحتاج إلى صوت مختلف وواع، يقول النصيحة بدلًا من «التطبيل» المستمر.
فى برنامج العاشرة مساء مع الإعلامى وائل الإبراش، ظهر الأستاذ حمدين صباحى للمرة الأولى منذ الانتخابات الرئاسية، بعد غياب استمر عامًا ونصف العام، متحدثًا لـ4 ساعات متتالية عن كل ما يهم البلاد.. لا أتفق مع بعض ما طرحه الأستاذ حمدين، ولكن أؤمن بجزء كبير من الملاحظات التى أبداها على إدارة عدد من الملفات، أهمها على الإطلاق المصالحة مع الشباب، وتحديدًا أبناء ثورتى 25 يناير و30 يونيو، باعتبارهم أمل المستقبل، وكسر طموحهم يعنى كسر طموح جيل كامل فى عمر الوطن، فضلًا على ضرورة تعديل قانون التظاهر لأنه «الحفرة» التى وقع فيها شبابنا ودخلوا السجون بسببه.
القضية الثانية هى تخوين الرموز الوطنية، وضرب الأستاذ حمدين المثال بما جرى للمخرج خالد يوسف بعد نجاحه فى الانتخابات البرلمانية، من نشر صور مفبركة فاضحه له، بقصد تشويه خالد يوسف، وتشويه التيار المعارض الذى سيسلكه خالد تحت القبة فيما بعد. وتحدث حمدين أيضًا عن إهانة ثورة يناير، وتعمد تجاهلها، وعدم احترام الشهداء من الشباب المصرى الذين ضحوا من أجلها، ضاربًا المثال بأن الرئيس عبدالفتاح السيسى اختار فى قائمة المعينين لعضوية مجلس النواب شخصية أعلنت مسبقًا وحاليًا ومستقبلًا رفضها التام ليناير، واعتبارها مؤامرة لا ثورة، واعتراضها على كل رموزها، وهو ما يعتبره حمدين تناقضًا غير مفهوم، لأنه من أين يخرج رئيس الجمهورية يشيد بثورة يناير، بينما قراراته ومواقفه على الأرض ضد ثورة يناير؟
على الجانب الآخر، عندما سأل وائل الإبراشى حمدين صباحى عن موقفه من النزول فى مظاهرات يناير، أجاب صباحى بأنه لن ينزل ولا يدعو لذلك، وهذه الإجابه تحديدًا دفعت الدكتور علاء الأسوانى لكتابة تغريدة على «تويتر» يقول: «يا حمدين انتقد السيسى كما تشاء، ولكن حذر من النزول فى مظاهرات يناير، لقد أخطأت فى الظهور الإعلامى».
كلام حمدين هنا لم يرض علاء الأسوانى، لأن حمدين كان يتحدث بنبرة العاقل، المعارض الذى يدرس الشارع جيدًا، لا المثقف الذى يريد أن يصل للنهايه مع النظام الحالى، وهنا فلسفة أخرى فى طريقة المعارضة نفسها داخل فصيل واحد.
أخيرًا.. أكثر ما أسعدنى فى لقاء حمدين هو تصالحه مع نفسه، بمعنى أنه فى بداية حديثه أثنى على زيارة الرئيس السيسى للكاتدرائية، ووصفها بأنها زيارة مهمة من رئيس يدرك معنى الوحدة الوطنية.. حمدين بمهاراته فى الحديث كان من الممكن تجاهل الإشادة بالسيسى، لكنه أراد أن يضع نفسه بحق فى موقع المنتقد الخائف على البلاد، لا الطامع من وراء مصلحة.
ما أسعدنى فى اللقاء أن «صباحى» لم يدعُ للتظاهر فى يناير الجارى، دون تخوين من ينزل فى يناير، وهو بذلك فصل بين انتقاداته، ونزوله للمعارضة ضد الرئيس لأنه يثنى على إنجازاته فى عدد من المشاريع.
محمود سعد الدين
رسائل إلى القيادة السياسية عن التظاهر والعدالة وشباب 25 يناير
الجمعة، 08 يناير 2016 07:00 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة