صناعة وعى عالمى لمساعدة سوريا
كيف نواجه الجرح السورى الممتد فى أرواحنا، ونحن شعوب لا حول لها ولا قوة أمام التكالب العالمى على أشقائنا الذين تلقفتهم شوارع أوروبا الباردة والمليئة بالثلج، وأغلقت فى وجوههم بيوت أهاليهم فى البلاد العربية إلا من رحم ربى، كيف نواجه هذا الخزى كل يوم ونحن نضيف عددا جديدا للشهداء والمشردين فى بلاد الله؟
كل واحد فينا له طريقته التى يدفع من خلالها هذا الوهن، وأمثلة ذلك كثيرة منها ما يقوم به المصور السورى تامر تركمانى الذى يسعى للتذكير من خلال لوحة ضخمة يعكف على إنجازها تضم أكثر من 120 ألف صورة توثق لبيانات الشهداء الذين قتلوا فى الحرب الدائرة فى ربوع سوريا، هو لن يعيد لهم الحياة، لكنه سيحيى ذكراهم وسيحولهم لأيقونات ثورية، ويحكى قصصهم فى شوارع العالم.
بالطبع سوف تكون هذه الصور ملطخة بالدم وكئيبة حتى لو حرص «تركمانى» على أن يختار لهم صورا ضاحكة من أزمانهم الضاحكة، لكنه سيكون ضحكا كالبكاء، سيكون الحزن شاخصا خلف هذه الصور متشحا بسواده السخيف وسوف تمتلئ هذه اللوحة بالتأكيد بصور الأطفال المبتورة أعمارهم وبصور الآباء المكسورة إرادتهم وبصور الأمهات البريئات إلا من حب الحياة وبصور العجائز الذين قتلهم الخوف، وتبدل الأحوال فى بلادهم الطيبة بعد أن دخل الشيطان إلى قلب الأحداث، وأصبح هو من يقود دفة الحوادث ويصنع مصائر العباد.
والسؤال: هل ستكون الـ120 ألف صورة فى لوحة واحدة كافية لأن تجعل العالم يعيد تفكير فيما يحدث ويترك قلبه المثقل بالتراخى ويتحرك بشكل إيجابى، خاصة أن هذه ليست المرة الأولى لكرمانى فقد أنجز من قبل لوحة ضخمة تضم خمسين ألف صورة لضحايا سوريين بطول 170 مترا، ورفعت فى عدة اعتصامات فى دول أوروبية، كما رفعت أمام البيت الأبيض فى واشنطن؟
نعم سيكون لها أثر كبير فمثل هذه الصور واللوحات مهمة جدا، لأنها تعرف أن الشعوب هى الحل، فالحكومات والسلطات مؤسسات تحكمها المصالح، فهى لا تحب ولا تكره، لكنها تحسبها بالمكسب والخسارة، فأى نظام حاكم فى أى بلد لن يدافع عن قضية ما من أجل القيم الإنسانية وإن تظاهر بذلك، لكن الشعوب تفعل، لذا لو حاولنا حل المشكلات المعضلة فى العالم وعلى رأسها سوريا، علينا صناعة وعى شعبى عالمى يقف بجانب الشعب المشرد، حينها يمكن لهذه الشعوب أن تمثل ضغطا عاما على أنظمتها السياسية وتضطرها لإبداء موقف حقيقى لصالح الإنسانية الحقة.
لن نقول ماذا ستفعل لوحة أو كتابا أو قصيدة وسط هذا الدم الفائر والمتجلط فى كل بقعة من أرض سوريا، بل ستفعل وستصنع صدى وذات يوم سوف ينفض الشعب غباره ويقف فى مواجهة الظلمة وبائعى الأرواح فعلى كل من يستطيع أن يفعل شيئا أن يفعله.