الترجمة لها مفهومها المتفق عليه وهو النقل من لغة لأخرى، والتبسيط له مفهومه وهو اختيار مفردات أكثر مناسبة لإيصال المعنى المقصود، ولا يجوز أن تكون الترجمة داخل اللغة الواحدة، لكن يجوز أن يحدث التبسيط فى اللغة الواحدة، خاصة بعد مرور السنوات الطويلة على النص الأصلى، فنبدأ بالشرح ووضع المتون ثم ننتهى بالتبسيط خاصة للناشئة وحديثى التعرف على العلوم، لكن أن يصدر كتاب بعنوان «رسالة الغفران لأبى العلاء المعرى ترجمة ناريمان الشاملى» ويقصد بالترجمة نقل الكتاب من نصه العربى إلى اللهجة المصرية فهو أمر يحتاج لوقفة مهمة لأننا أصبحنا على حافة الهاوية.
فعلى صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى كتبت «ناريمان الشاملى» تعليقا على هذا الحدث «الكتاب دا يتقرى أو ما يتقريش، يعجب أو ما يعجبش، يكون مفيد أو ما يكونش، بالنسبالى، أهم وأعظم كلمة فيه هى كلمة «ترجمة».. الكلمة دى، على بساطتها، تعتبر اعترافا بمجهود عشرات السنين لمئات الناس. ودا على حد علمى (إلى أن يثبت العكس)، أول ترجمة للمصرى من كتاب نصه الأصلى عربى.. شكرا للكتب خان على المجهود والنشر، وشكر خاص وكبير للأستاذة نسرين عشان وافقت تحت مسمى الصداقة بس ورغم ضغط الشغل اللى عليها إنها تراجع على الكتاب وفادتنى بوقتها وعلمها أيما إفادة.. # اللغة المصرية يا إخوانا يا إخوانا يا إخوانا».
بالطبع هى لا تعرف المقصود بـ«المصرى» وإلا لكانت ترجمت الكتاب للغة الهيروغليفية أو اللغة القبطية وفى هذه الحالة لم يكن لأحد أن يعترض، لكن تبسيطه باللهجة العامية لا يعنى أنها ترجمة لأن العامية المصرية جزء كبير منها يتجاوز الـ%90 عربى فصيح وتم تحطيم القواعد حتى يسهل على الناس التعامل بها ثم دخلت بعض الألفاظ الأخرى التى حدثت عن طريق الاحتكاك بالتجارب الأخرى واللغات المختلفة، لكن ذلك لا يعنى أنها لغة منفصلة.
كذلك الشخصيات التاريخية التى نادت بالمصرية كانت تريد «الهوية» المصرية بمعنى استقلالية الرؤية وأن تكون أفكارها ناتجة من طبيعتها ومن بيئتها، ولم يقصد الانفصال إلا عدد قليل كانت لديهم مشكلات أخرى أكبر من مشكلتهم مع «اللغة العربية» لذا لا يمكن التعويل عليهم لأنهم لا يملكون بديلا، مثل هذا الكتاب الذى لا يقدم بديلا.
ولمِبسطة رسالة أبى العلاء أقول لها أسوأ المشكلات هى التى يصنعها الإنسان لنفسه ثم يتورط فيها بعد ذلك ولا يعرف سبيلا للخروج منها، وأردأ الأمور هى المفتعلة التى يطرحها الواحد دون حاجة ثم يصنع لها سياقا تاريخيا ويحاول أن يضع نفسه فيه، وقضية اللهجة المصرية واللغة العربية قديمة لكنها «هامشية» فى كل لحظات الضعف والقوة كانت موجودة لكنها أبدا لم تكن المحور الذى يدور حوله حاضر المصرى ولا مستقبله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة