" نعم يا سيدى لا تخف منا اقترب، نعم نحن أطفال مضايا السوريون، المحاصرة لأكثر من 7 أشهر، ماذا؟ عيوننا أصبحت غائرة، ووجنتانا هزيلة، وجلودنا شاحبة وذابلة؟
تلك ملامحنا الصغيرة التى انهكها الجوع والتعب، نعم لا تستغربنا هكذا! نحن أطفال جوعى، مشردون، محاصرون فقط، وملامحنا تحولت مثلكم أيها الكبار.. كلا لا نشبهكم؟ فملامحنا كملامح الموتى؟ ولكننا من فعلكم، ضحايا أنانيتكم وحروبكم، فصراع القوى لكم، والآلام والعذاب لنا، نحن الخاسر الوحيد بينكم.
هل اكتفيت من التقاط صورنا؟ وشعرت بالشفقة علينا، بعد أن كنا أجمل أطفال الدنيا، هنا كانت تعلو ضحكاتنا العالية المرحة، وهناك كنا نركض بخطوات صغيرة قصيرة متعثرة نلهو ونلعب، هل رأيتونا كيف كبرنا سريعا من الحزن حتى أصبحنا مثلكم؟ إننا نعيش.. نعم نعيش، ونأكل لحوما، لكنها ليست كلحومكم، فنحن مازلنا أطفال، معدتنا لا تتحمل أطعمتكم، قد نتناول أوراق الشجر، أو نلتهم حشائش بلدتنا، قد نأكل كلابا، قد تطعمنا أمهاتنا قططا شاردة، إلا أنه أبدا لا نأكل أطعمتكم المعتادة.
عيوننا أنطفأ فيها بريق الحياة، وأجسادنا خارت قواها، ونحفت، ففضلنا الجلوس بجوار أجدادنا، وتركنا لكم اللعب، فتصارعوا معا، وتسابقوا جيدا، وخططوا لألعابكم وحروبكم بمهارة، وسنراقبكم، نعم سنظل بأرواحنا الطاهرة الضعيفة التى تنطفئ رويدا رويدا فى متابعتكم بعيون، وقلوب منكسرة، سنموت، أنتم أردتم لنا ذلك، مخططاتكم تحتم أن ندفع نحن العجائز الصغار ثمن جشعكم وأطماعكم، سنموت ولكن.. سيبقى غيرنا، وغيرنا، ليذكروكم بمن مضوا منا.
مضايا يامدينتنا، لم نخطوا بشوارعك بخطوات ثابتة، لم تشاهدى ظلنا وهو يلقى بأثره على منازلك وطرقاتك، فأقدامنا الصغيرة وخطواتنا القليلة لم تنضج بعد.
مضايا تحولت إلى صومال أخرى، يأسنا ينشره الغرباء، وتتداوله الأيدى، لكن أحد لن ينقدنا، نحن الأطفال نعلنها لكم، بكل القهر والشيب والعجز الذى ملأ عيوننا قهرا، لن نسامحكم، صم، بكم، عمى، لا قلب يخفق وجعا، ولا أذن تستجيب، فلا ضمير عربى يتكلم، ولا منظمات حقوقية دولية تتدخل، خذوا قوانينكم ومؤسساتكم وأوراقكم بعيدا عنا، فلن تغنينا عن كسرة خبز، أو شربة ماء.
مضايا يا مدينة القلوب الواهنة، وغيرك كثير، لكى الله، وللبشر ذنب ما ارتكبوا..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة