أجمل ما فى قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب الذى أقره الكونجرس أخيرًا بعد إسقاط فيتو أوباما عليه، هو عنوانه، لكنه شأن جميع الأسلحة الأمريكية الفتاكة، تحمل أسماءً جميلة وموحية تعجز عن تجميل آثارها التدميرية الكبيرة، ويبدو أن قنبلة الكونجرس الأخيرة معلقة الآن فوق المنطقة العربية بقوة قتل وتدمير أكبر آلاف المرات من قنبلتى هيروشيما وناجازاكى، وأخطر فى التأثير الأخلاقى والقانونى من مذابح النابالم والغاز فى فيتنام.
القانون الخطير والمدمر لأصول العلاقات بين الدول، يسمح لعائلات ضحايا حادث 11 سبتمبر 2001 بمقاضاة الدول التى ينتسب إليها منفذو العملية، معطلا بذلك مبدأ الحصانة التى تحمى الدول ودبلوماسييها من الملاحقات القانونية، وهنا لابد أن نتساءل، لماذا استند القانون على جنسية منفذى العملية التى أعلنتهم الإدارة الأمريكية ولم يستند مثلا إلى الجهات والتنظيمات الأمريكية وغير الأمريكية التى كانت تربطها علاقات بهم، ولماذا يستند إلى الـ 19 اسما المعلنين من قبل الإدارة الأمريكية وتجاهل تفسيرات أخرى شديدة الخطورة تنسب الجريمة لأطراف أمريكية؟ والسؤال الثانى ربما تجيب عليه المطالبات الصادرة من داخل السعودية بضرورة تشكيل لجنة دولية محايدة للتحقيق فى وقائع 11 سبتمبر من جديد وتحديد المتهمين الحقيقيين أمام الشعب الأمريكى والعالم كله.
من ناحية أخرى، هل يعنى اتحاد الجمهوريين والديمقراطيين لأول مرة خلال حكم أوباما لتوجيه صفعة للرئيس، إن الكونجرس يتسلم زمام المبادرة فى إدارة مشروع الفوضى الخلاقة وحروب الجيل الرابع ضد المنطقة العربية؟ ما الذى يحدث بالفعل بين المؤسسات الحاكمة فى واشنطن؟ ومن يقود الآن السياسة الخارجية؟ وهل الأمر يتعلق فقط بابتزاز السعودية لتجميد أصولها الضخمة فى الولايات المتحدة ثم الاستيلاء عليها لمصلحة ضحايا 11 سبتمبر، أم أن الأمر يتضمن السعودية وأخواتها ويفرض مظلة إرهاب من نوع جديد يكتسى إطارا قانونيا؟
وإذا كان هذا القانون يرسى مبدأ جديدًا فى القانون الدولى والعلاقات بين الأفراد والدول، فهل اتحاد الجمهوريين والديمقراطيين فى الكونجرس، مستعد لتحمل عشرات الدعاوى القضائية ضد المسؤولين السياسيين والعسكريين نتيجة لجرائمهم فى اليابان وفيتنام والعراق وسوريا واليمن وكثير منها ترقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما يقتضى تعويضات بآلاف المليارات من الدولارات، أم أن الكونجرس فى المرحلة المقبلة سيفرض تشريعات الكاوبوى ويفرض نوعا من البلطجة القانونية على العالم؟