البعض يميل للحلول السهلة، والأحكام المريحة.. ولا تتوقف مفارقات رحيل شيمون بيريز، رئيس الوزراء، والرئيس الإسرائيلى السابق، والتى تكشف عن النفاق الدولى، ومنطق القوة، والسياسة التى لاتعرف عواطف، بينما لدينا قطاع واسع، يبقى عند شواطئ العواطف والكلاشيهات والشعارات التى لاتخلو من تناقض. قلنا مثلا «إن الصهاينة الكبار الذين يرتكبون مجازر، ويواصلون قتل الفلسطينيين، يحظون بمكانة وطنية بين الإسرائيليين. بل ينجحون فى تحقيق تأثيرات فى الغرب، وكثيرا ما نردد نحن العرب كيف يتحكم اللوبى اليهودى فى السياسة الأمريكية، وكيف يفشل العرب بإمكانات أكبر وأموال أغزر فى تحقيق أى تأثير».
باراك أوباما، يصف شيمون بيريز، بأنه مثل نيلسون مانديلا، وهو وصف يكشف عن مغالطة، فمانديلا زعيم قاد شعبه ضد التمييز العنصرى، و«بيريز» قاد شعبا يمارس التمييز العنصرى ضد الفلسطينيين، أوباما يتحدث لأهداف انتخابية، ومع أنه أنهى فترتيه وينتظر الخروج من الرئاسة، يدعو للحزب الديموقراطى ومرشحته هيلارى كلينتون، وهو درس آخر ربما كنا بحاجة لتأمله ونحن نقرأ كيف يفوزون.
هم يلعبونها سياسة ويعرفون أنها قواعد لاعلاقة لها بالعواطف، ونحن نلعبها عواطف نمارس الكثير من الأحكام والأوصاف ونهدد ونتوعد، ونهزم أنفسنا، ونراهن على هزيمة عدونا أكثر من الرهان على انتصار. نتحدث عن مؤامرات قد يكون بعضها واقع، لكنه ضمن خطط السياسة وتحركاتها.
أى استعراض للتعليقات والمناقشات، العقيمة غالبا، التى تديرها نخبتنا مع بعضها، تكشف عن غياب تام للقدرة على التحاور، واستسهال لإطلاق أوصاف الخيانة، بينما الإسرائيليون يروجون طوال الوقت أنهم دعاة سلام، وأنهم دولة صغيرة وسط مجتمعات تكرههم وتسعى لإفنائهم، بل ويركزون على التهديدات والبيانات الصاخبة، وفى المقابل يمارسون القتل ويسوقونه على أنه دفاع عن النفس. ولامانع لديهم من السير فى اتفاقات سلام دائرية لاتفضى لشىء، يلعبون على تناقضات الفلسطينيين بعضهم البعض «فتح وحماس» أعداء لبعضهما أكثر مما هم أعداء لإسرائيل.
المجتمع الدولى مزدوج تحكمه المصالح، العرب يعرفون ذلك، لكنهم يتفرغون لشتم بعضهم، وإصدار أحكام بالخيانة. الإسرائيليون يخاطبون العالم بقواعده، ويسوقون سياساتهم لكسب الرأى العام فى أمريكا وأوروبا. بينما العرب يمتلكون فوهات وغضب وتهديدات، لايجيدون وهم ضحايا لعب دور «الضحية». وهو دور يكون مطلوب أحيانا.
إسرائيل حليف لأمريكا، وهذا لم يمنع من التجسس عليها، ولدينا نموذج «بولارد»، والسلام مع أى دولة لايعنى التوقف عن مراقبتها، والتجسس عليها. ونحن فى عالم السياسة لانعرف أنفسنا ولا خصومنا ولا أعداءنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة