يحدث كثيراً أنى حين أشاهد فيلما ما وارد هوليوود أن يظل صوتاً بداخلى يزن طوال مشاهدتى الفيلم، ويعكر علىّ صفو المشاهدة، أما الصوت الزنان فيقول لى: لماذا لا نستطيع فى أفلامنا أن نحلق فى فضاء الخيال الواسع ونقدم أفلاماً مثل ذلك الفيلم؟ لماذا نحصر خيالنا فى ضحكة هنا أو قصة حب هناك، ولا نطير بأحلامنا لأقصى السماوات؟ فالسينما مجرد حلم فلماذا نقزم أحلامنا ونجعلها لا تعلو إلا شبرا واحدا فقط عن الأرض بل قد نساويها فقط بالأرض؟
أسئلة لا أجد لها إجابة كاملة شافية، فقط لا ينابنى منها إلا الزن فى أذنى، وكانت تلك هى حالتى وأنا أشاهد فيلم «إنفيرنو» أى الجحيم بالإيطالية Inferno الذى يُعرض حالياً بطولة توم هانكس وفليستى جونز ومن إخراج رون هوارد، وهو يُعد كأنه جزء ثالث من فيلمين سابقين لذات المخرج والبطل وهما ملائكة وشياطين ودافنشى كود ثم أخيراً إنفيرنو، فالأفلام الثلاث مأخوذة عن روايات ثلاث كتبها دان براون.
الفيلم أو الجزء الأخير يحكى عن روبرت لانجدون الأستاذ فى هارفارد الذى يستيقظ من غيبوبة ليجد نفسه فاقدا الذاكرة فى أحد مستشفيات فلورانس فى روما وتنقذه من القتل طبيبة شابة ثم تتطور الأحداث المثيرة التى تصور رغبة البعض فى قتل هذا الأستاذ الذى يحاول اكتشاف موقع فيروس وضعه ملياردير مجنون فى مكان ما فى العالم لو انتشر سيقتل نصف البشر على الأرض، وقد فعل ذلك لتصوره أنه بذلك ينقذ البشرية من الفناء، وكما يحاول الأستاذ الجامعى البحث عن مكان هذا الفيروس، مستعيناً برواية دانتى الكوميديا الإلهية والجزء الخاص بتصوير الجحيم، تحاول منظمة الصحة العالمية أيضا بمعاونة البطل معرفة المكان قبل آخرين من مؤيدى نظرية فناء البشرية أو من آخرين يريدون استغلال هذا الفيروس لكسب المال.
ينتهى الفيلم طبعا بإنقاذ البشرية على يد البطل وحبيبته العاملة فى منظمة الصحة العالمية.
وحسب موقع فوربس، فقد تكلف إنتاج الفيلم 75 مليون دولار وهو الأقل فى التكلفة مقارنة بالفيلمين السابقين لنفس المجموعة الكاتب والمخرج والبطل، ففيلم ملائكة وشياطين تكلف 150 مليونا عام 2009، أما دافنشى كود فقد تكلف 125 مليون، ورغم هذا فإنه الفيلم الأعلى فى الإيرادات مقارنة بالتكلفة، فقد حصد فقط من العرض خارج أمريكا 75 مليون دولار حتى الآن، قد لا يكون كثير من النقاد حول العالم وداخل أمريكا ذاتها ساندوا الفيلم بإعجابهم، ولكن المؤكد أن الجمهور مازال فى شغف لمغامرات هذا الأستاذ الجامعى فى حصار الشر حول العالم.
وبغض النظر عن مستوى الفيلم الفنى، وهو بالتأكيد جيد يحمل كل صفات فيلم المغامرات والغموض، وبغض النظر عن انتقال الكاميرات لدول كثيرة حول العالم وبغض النظر عن وجود ممثل عبقرى كـ«توم هانكس» ومخرج بحجم رون هاورد وشابة شديدة الموهبة وجميلة وهى فليستى جونز، وبغض النظر عن كل ذلك يظل الصوت الزنان فى عقلى يقول لى: لماذا لا نحلق بأحلامنا السينمائية أبعد من الأرض قليلاً، ولماذا تحلق هوليوود إلى ما بعد السماء السابعة، وتدفع البشر حول العالم الملايين ليحلقوا معها؟ وليس هناك من إجابة لهذا السؤال إلا ما قالته مطربة شابة أمريكية وهى هيلسى، فقد كتبت تقول «إذا أردت أن تعبر العالم بفنك ويراه ويسمعه الجميع عليك أن تكون رجل أعمال أو بيزنس مان شاطر» ونحن كما يبدو لسنا كذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة