ماجدة إبراهيم

التجربة المجرية

السبت، 22 أكتوبر 2016 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وما نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلابا، وليس بالنوايا الحسنة تبنى الدول.. هكذا تعملنا فى الكتب لكننا أبدا لم نؤمن بهذه المقولات ولم نطبقها تقريبًا، لا أعرف ماذا حدث للمصريين؟؟
 
أين الإرادة؟ أين الإصرار على اجتياز المحن؟؟
كنت فى رحلة إلى المجر.. هذه الدولة التى كانت فى يوم من الأيام من الدول القريبة جدًا بتاريخها وثقافتها وطباع شعبها من المصريين.. مرت بعدد من المعتدين والمحتلين، الذين نالوا منها لكنها كانت تملك فى كل مرة إرادة فى البقاء والعودة من جديد، كم بهرتنى طبيعة المجر الخلابة، وكم سحرنى كل شىء فيها رغم أنها لا تعتبر من الدول الغنية، بل على النقيض فمتوسط دخل الفرد لا يزيد عن 400 دولار فى الشهر لكن تكفى الفرد، وأشد ما جعلنى أرفع للشعب المجرى القبعة تلك الإرادة الفولاذية على إعادة بناء دولتهم وأبنيتهم وتراثهم الدينى والثقافى أكثر من مرة، فقد كانت المجر من دول المحور فى الحرب العالمية الثانية، وكانت عبارة عن مخزن للأسلحة الألمانية وحتى لا يصل الروس لهذه المخازن والاستيلاء عليها قامت ألمانيا بتدمير كل الكبارى والجسور فى المجر، لكن الروس بعد أن وقع ما يزيد على أربعين ألف جندى روسى فى المجر استولوا على هذا الكم الضخم من الأسلحة، وتم تدمير جميع القلاع فى المجر وبعد انتهاء الحرب ظلت المجر ترفع أنقاض هزيمتها أكثر من ثلاث سنوات وقررت أن تعيد بناء كل ما تم هدمه من كنائس وقلاع وآثار بنفس الجودة والطراز واستخدمت كل الخامات، التى جعلت كل جزء من المجر الجديدة كما كانت فى الماضى بروعة لم أجد مثلها.
 
رأيت صور تدمير بودابست عاصمة المجر، ورأيت صورا للمجر قبل التدمير ورأيت بعينى على الحقيقة هذا الجمال المتناهى فى الإبداع ووسط كل هذا الجمال شرد عقلى وسقطت دموعى على وطن لم يجد من يحبه.. على وطن يبحث عمن يحبه ويخلص له، بكيت على بلدى مصر التى فى خاطرى، مصر التى نراها فى صور تذكارى.. أصبحنا مجرد صور بعد أن فقدنا كل إحساس بمصريتنا وتساءلت ماهى المشكلة لكى نمتلك القدرة على بناء بلدنا؟ هل الشعب المجرى البسيط، الذى فى الأصل كان معظمه يعمل فى الزراعة مثل أغلب المصريين لديه عصا سحرية؟ وهل الدولة تتحمل كام فى المئة من منظومة الإحباط والهدم؟
 
للأسف الكثير ممن يملكون زمام الأمور فى هيئات ومؤسسات حكومية ووزارات هم أصل المشكلة فى كثير من الأحيان فهم لديهم القدرة على إفشاء روح التشاؤم والهدم فى نفوس من يتعامل معهم من الشباب وممن يريد أن يساعد وعرقلة كل الإجراءات، التى من شأنها توقف المراكب السايرة، ولا أستطيع إنكار حالة التراخى والكسل وقلة الضمير التى أصابت الشعب المصرى. 
 
أعتقد أن الحل يتم تلخيصة فى كلمتين، إعادة هيكلة منظومة القوانين الرادعة، التى تمشى على الوزير قبل الخفير، وأن يكون هناك مشروع قومى نسميه إعادة بناء مصر فى كل شىء.. فى التعليم وعودة الأخلاق الحميدة.. أن نكون مؤمنين ببلدنا لابد أن تكون لدينا الإرادة، التى تجعلنا نحافظ على مياة النيل ننظفه.. لابد أن تكون لدينا الإرادة التى تجعلنا ندرك قيمة آثارنا ونحافظ عليها بدلًا من التنقيب عنها وتهريبها للخارج، لابد أن ندرك قيمة كل شىء فى مصر حتى نستطيع أن نعيده بالجهد والعمل.. العمل الذى فقدنا القدرة على الإخلاص فيه.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة