يحملون السلاح ويوجهونه لصدور قضاة وجنود، يشنون هجمات على كمائن الجيش والشرطة، يكفرون المجتمع والحاكم، وقد يلف أحدهم نفسه بحزام ناسف ليفجره فى الأبرياء من أبناء وطنه، وهو ينطق الشهادة معتقدا أنه يجاهد فى سبيل الله، وأن الجنة فى استقباله.
هكذا تغسل التنظيمات الإرهابية عقول أفرادها، تحشو رؤوسهم بأفكار وفتاوى متطرفة قبل أن تحشو بنادقهم بالرصاص، تستقطب شبابا وأطفالا وتحرضهم على أوطانهم، لندفع الثمن من دمائنا واستقرار أوطاننا.
وبينما تعلو صيحات تجديد الخطاب الدينى، ومحاربة الأفكار المتطرفة، لا يسمع هؤلاء ولا يرون إلا صوت التطرف والإرهاب.
قد يستيقظ أحدنا ليجد ابنه أو شقيقه يوما منضما إلى هذه التنظيمات بعد اصطياده بإغراءات وفتاوى تسللت إليه من 90 موقعا إلكترونيا تكفيريا تحوى العديد من فتاوى العنف، وإباحة الدماء والحض على القتل، لتكون المحصلة والنتيجة هو ما نشهده من هجمات إرهابية وتفجيرات واغتيالات.
وفى ذات الوقت الذى تشن فيه القوى الإرهابية هجماتها الفكرية على عقول شبابنا تمتلئ رفوف وسجلات المؤسسات الدينية بدراسات وأبحاث، وفتاوى تحمل ردودا وافية لكل الادعاءات والفتاوى الإرهابية.
وتعتبر دار الإفتاء المصرية من أكثر المؤسسات التى تسعى للرد على ما تطلقه الجماعات الإرهابية المتطرفة من فتاوى، وذلك بأكثر من وسيلة ولغة، حيث أدركت الدار منذ عام 2014 خطر الفتاوى التكفيرية.
يتابع المرصد ما يصدر عن أكثر من 90 موقعا إلكترونيا تكفيريا من فتاوى العنف، وإباحة الدماء والحض على القتل، ويفندها ويرد عليها فى صورة دارسات وتقارير علمية، أو بعض الأخبار التى تنشر فى صورة مواد خبرية أو على صفحات التواصل الاجتماعى الخاصة بدار الإفتاء. قام المرصد بالرد على أكثر من 200 فتوى متشددة، أصدرتها داعش وجماعات الإسلام السياسى، فى إطار حربها ضد الدول والشعوب العربية والإسلامية، ومنها فتاوى تكفير الحاكم ومؤسسات الدولة والتى تبيح الخروج على الحاكم وقتاله وقتال كل من يرضى بحكمه باعتباره مشاركا له فى «الكفر»، وفتاوى تعتبر أن عدم مبايعة «داعش» خروج للمسلم من دينه، بل وأنه لا يقبل منه صلاة ولا صوم.
كما يرد مرصد الإفتاء على الفتاوى الصادرة من جماعات العنف السياسى فى مصر، والتى تحرم التعامل مع النظام الحاكم وتدعو إلى التهرب من التجنيد، وإباحة قتل القضاة، واعتبار الإضراب واجب شرعا، كما يقدم التفسيرات الحقيقية السمحة لآيات القرآن التى تستخدمها الجماعات الإرهابية وتحرف تأويلها بما يخدم أهدافها.
تعد دار الإفتاء المصرية دراسات وتقارير تحمل فكرا تحليليا يرصد خارطة الجماعات الإرهابية، ومسار انتقال أفكارها وفتاواها فى العالم، وتحليل لجرائمها، وأسبابها، وتفاعل الأطراف المختلفة معها، وسيناريوهات تطورها ومستقبلها وكيفية التعامل معها. وتصدر الدار مجلة إرهابيون التى ترصد وتحلل أفكار أكثر من 50 فصيلا متطرفا فى العالم، فى مقدمتها «داعش» وأنصار بيت المقدس وولاية سيناء وبوكو حرام وغيرها من الجماعات المتطرفة.
تضم الدار كفاءات مثل الدكتور إبراهيم نجم مستشار المفتى، لديها القدرة على التعامل مع التقنيات الحديثة لنشر الفتاوى بكل اللغات، تطوف هذه الكفاءات المراكز الإسلامية فى دول العالم فى محاولة لنشر الفكر الوسطى، والتصدى لمحاولات داعش استقطاب شباب الأقليات المسلمة التى لا يصلها سوى قشور من روح الإسلام. تنشر دار الإفتاء فتاواها على مواقع التواصل الاجتماعى بلغات مختلفة لتجيب وتفند وتنسف مزاعم الإرهابيين وفتاواهم، ورغم ذلك لا يصل هذا الجهد للكثيرين.
تمتلئ الفضائيات ببرامج لا تثمن ولا تغنى من جوع، تتكلف الملايين، بينما يردد الكثيرون حاجتنا إلى خطاب دينى يصل للشباب ويحصنهم من الأفكار المتطرفة، ويتساقط الكثيرون ضحايا للجرائم الإرهابية، فى حين يبقى الفكر الوسطى حبيس دراسات وتقارير على الرفوف أو على صفحات الـ«فيس بوك»، لا يجد وسيلة للنشر على نطاق واسع، فمتى يجد هذا الجهد الذى نحتاجه وسيلة للوصول إلى قطاعات كبيرة من الشباب لتحميهم وتحمى الوطن من أفكار الجماعات الإرهابية وافتراءاتها على الإسلام؟
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الفقر
الفقر الد أعداء الإنسان لا يستجيب عادة للنصح والفتاوي