إذا لم نسمِ ما يفعله الرئيس التركى أردوغان فى الموصل بالعراق وحلب بسوريا بأنه استعمار تركى، فبأى شىء نسميه؟
أتابع تفاصيل ما يحدث هناك وأركز تحديدا على الجار التركى للبلدين، كتبت من قبل عما قاله فى خطابه يوم الأربعاء قبل الماضى الذى قال فيه، إنه يجب إعادة النظر فى اتفاقية «لوزان» الموقعة يوم 24 يوليو 1924 وهى الاتفاقية التى حددت حدود الدولة التركية الحالية، وأنهت التمدد العثمانى، ليرثه نفوذا لفرنسا وبريطانيا على البلاد العربية.
عدت مرة ثانية إلى الخطاب بعد توالى خطوات التدخلات التركية فى حلب والموصل، ومن واقع ترجمة له بدا لى أننا أمام حالة تقود إلى كوارث هائلة للمنطقة، فحديثه مثلا عن «حلب» لابد أن تتوقف متأملا طريقته فى الحديث عنها: «آه يا حلب، يا روحى يا حبيبتى يا حلب»، فماذا يعنى هذا التأوه؟ ماذا يعنى أن تكون حلب «حبيبته» و«روحه»؟ ويتضح المقصد حين يقول: «إننا سنعيد بناء المدنية بعد وقف النار»، فأى دلالة نخرج بها من هذا الكلام غير أن الرجل يتحدث عن «حلب» بوصفها الجزء المفقود من الأراضى التركية، الجزء المغتصب بحكم اتفاقية لوزان الذى سيتم استعادته، نخرج أيضا من هذا الكلام بالتأكيد على كل الاتهامات التى تم توجيهها إلى سياسة أردوغان نحو الأزمة السورية منذ بدايتها بأنه يستهدف تقسيم سوريا حتى يقتطع منها ما يريده، وكانت جماعة الإخوان أثناء توليها الحكم فى مصر هى أكبر ظهير لهذه الأطماع.
لأجل هذا لا يطيق «أردوغان» اسم الرئيس السورى بشار الأسد ولا يريد أبدا أن يكون فى سوريا جيشا عربيا يحارب من أجل وحدة الأرض السورية، ولا ينسى أبدا ثأره مع 30 يونيو، فهو ثأر ليس له علاقة بالشرعية والديمقراطية، وإنما بكاء على المشروع الذى ظن أردوغان أنه يقطع الطريق بسرعة الرياح، مشروع توسيع حدود الدولة التركية لتضم حلب، و«ولاية الموصل» التى ينظر إليها الأتراك بوصفها «أندلس تركيا»، فهى الأرض التى يتعاملون معها على أنها ضاعت نتيجة ضعف تركى بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الأولى.
القصة على هذا النحو هى «مشروع أردوغان» لإعادة هندسة المنطقة بتقسيمها من جديد، والشاهد كل هذا التأوه على «الحبيبة حلب».