سليمان شفيق

الدور الروسى الدينى فى الشرق الأوسط

الجمعة، 28 أكتوبر 2016 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تلعب روسيا الدور الأساسى فى سوريا، وتستعيد دورها السابق للوصول للمياه الدافئة، ولم يلاحظ كثيرون محاولات روسيا استخدام كنيستها ومذهبها الأرثوذكسى فى هذا الإطار. تعلمت دول هذه الكتلة الشرقية وعلى رأسها روسيا كيفية استخدام الدين فى السياسة مما تم أثناء الحرب الباردة، لذلك اختطت لنفسها استراتيجية جديدة تستخدم فيها الدين كأساس لتصنيف الأعداء والأصدقاء فى الساحة الدولية، خاصة وأن للمسيحية الأرثوذكسية موقع مهم فى مشروع الدولة القومية الروسية كما يصدره الرئيس بوتين، فالكنيسة الروسية قائدة الأرثوذكسية العالمية مواجهة الغرب (البروتستانتي).. إن تحركات الكنيسة الروسية فى الفترة الأخيرة نحو الفاتيكان والكنائس الأرثوذكسية فى الشرق الأوسط والاهتمام بعقد المؤتمر المسكونى للكنائس الأرثوذكسية، كل هذه التحركات تؤكد أن هناك تصورا واضحا للدولة الروسية وكنيستها للتوجه الإستراتيجى الذى يخدم أمن البلاد القومى ومصالح الكنيسة.

 

فى القرن الماضى بدأ الغرب فى استخدام الدين فى الحرب الباردة، وذلك عبر تسويق الاضطهاد الشيوعى للكنيسة الروسية، وضرورة دعم كنائس أوروبا الشرقية فى مواجهة الشيوعية، وأنشأ مجلس الكنائس العالمى 1948 بمباركة أمريكية وتمويل من CIA، لكن الرئيس جمال عبد الناصر وقداسة البابا كيرلس السادس أدركوا هذا المخطط مبكرا، وسار حذوهم الفاتيكان وكلاهما (مصر والفاتيكان) رفضا الانضواء فى ذلك المجلس، وبذلك حرم المجلس من أقوى كنيستين.. من هذا المنطلق بدأ اهتمام الكنيسة الروسية بالكنيسة القبطية مبكرا ومنذ الربع الأول من القرن التاسع عشر، ولدينا من هذه الفترة محاولتان لضم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للكنيسة الروسية.

 

كانت المحاولة الأولى فى وقت ولاية محمد على، حين أرسل قيصر روسيا مبعوثا للبطريرك القبطى بطرس الجاولى يعرض عليه وضع الكنيسة القبطية تحت حمايته، وحينذاك سأل البطريرك المبعوث: "هل قيصركم يموت ؟ فأجاب المبعوث: "نعم"، فرد البطريرك ولكننا فى حماية الله الذى لا يموت " وفشلت المحاولة. المحاولة الثانية فى عهد الخديوى سعيد (أثناء حرب القرم) وقام بها أحد الأساقفة الروسيين والذى أقنع بطريرك الاسكندرية للروم الأرثوذكس بالتنازل للبطريرك القبطى كيرلس الرابع تمهيدًا للإدماج الكامل للكنيسة القبطية للكنائس البيزنطية لكن المسعى لم يكتمل لوفاة البطريرك كيرلس الرابع فى ظروف غامضة !!.

 

فى منتصف الثمانينات من القرن الماضى، بدأ البطريرك المسكونى للكنيسة الأرثوذكسية من مقره الأوروبى فى جينيف محاولة لإنهاء الخلافات بين العائلتين الأرثوذكسيتين وعمل على صياغة اتفاقية للاعتراف اللاهوتى المتبادل وبدأ فى عرضها على الكنائس المختلفة للحصول على موافقتها وقد وافقت عدة كنائس على الاتفاقية منها الكنيسة القبطية (جاءت الموافقة على أساس أن الاتفاقية تقر ما تؤمن به الكنيسة القبطية، كما أنها لا تمس بأى شكل من الأشكال استقلال الكنيسة).غير أن الكنيسة الروسية كانت أبرز المعارضين للاتفاقية وقادت حملة لمنع الكنيسة القبطية من أن تكون ضمن الكنائس الأرثوذكسية المعترف بها عالميًّا (وهو أمر لا يزعج الكنيسة القبطية على الإطلاق إذ تعتبر نفسها أهم كنائس العالم كونها كنيسة الإسكندرية العظمى) ولا زال الموقف المعلن للكنيسة الروسية من الاتفاقية كما هو لم يتبدل.

 

فى السنوات الاخيرة بدأ الموقف فى الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية يتبدل، فنحن نلحظ اهتمامًا غير عادى من المؤسسات المسيحية فى روسيا وأوروبا الشرقية بكل كنائس المنطقة الأرثوذكسية، أيضًا كان استقبال الكنيسة الروسية للبابا تواضروس فى زيارته الأخيرة إلى موسكو استقبالًا حافلًا وكبيرًا وأكد على أن هناك تغيرًا إيجابيًّا ما فى الموقف الروسى من انضمام الكنيسة القبطية للأرثوذكسية العالمية، والاهم انهم اتفقوا على عقد المجمع المسكونى للكنائس أرثوذكسية فى عام ٢٠١٦ والذى سيعقد لأول مرة منذ ١٢٠٠ عام (يتعثر انعقاد المؤتمر نتيجة لوجود مشاكل داخلية بين الكنائس المشتركة ). من الواضح ان تحركات الكنائس والمؤسسات الأخرى ليست بعيدة عن التحولات السياسية، فحسبما تقول مصادر صحفية روسية مطلعة فان لديهم قناعة بأن هناك قوسًا من الدول الإسلامية تحيط ببلدانهم يمتد من بلدان الاتحاد السوفيتى السابق ويمر بتركيا وألبانيا لينتهى فى البوسنة وهذا القوس بالنسبة لهم مصدر خطر، خاصة وأنهم يربطون الإرهاب بالحركات الاسلامية، وبناء عليه فإنهم يحاولون ضم الكنائس الأرثوذكسية المشرقية لهم. ترى هل يمكن الاستفادة من تلك الرؤيا فى العلاقات المصرية الروسية ؟

 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة