هل صحيح أن حجم الأمطار التى تسقط على مصر سنويًا تقدر بنحو 51 مليار متر مكعب مياه سنويًا طبقًا لتقديرات منظمة الفاو؟ وهل صحيح أننا لا نستفيد منها إلا بحوالى 1.3 مليار متر مكعب فقط تسقط على مناطق الدلتا كما يقول الخبراء؟ وهل صحيح أن المناطق الصحراوية التى تتلقى نحو 50 مليار متر مكعب من الأمطار سنويا، تتحول إلى كوارث أو تذهب هباء نتيجة لعدم استعدادنا لاستقبالها وتوظيفها، رغم ما نعانيه من أزمة مائية؟ وهل صحيح أننا لم نتعلم من أخطائنا خلال السنوات الماضية ومن ضغط الحاجة إلى موارد مائية جديدة ولم ننشئ مخرات للسيول أو خزانات حتى نستفيد بها فى زراعة أراضٍ صحراوية جديدة أو تغذية الآبار الجوفية الموجودة؟
السيول التى اجتاحت الصعيد والبحر الأحمر خلال الأيام الماضية كشفت عن إهمال وتراخٍ كبيرين، لا يمكن القبول بهما من مسؤولين يواجهون حروبا على جبهات متعددة، ومن المتوقع منهم أن يكونوا فى كامل لياقتهم الذهنية والإدارية والميدانية، كما لا يمكن القبول بأن يصل الخير العميم إلينا من السماء ثم نهدره بهذه الصورة المحزنة وأن نحوله إلى كارثة نهرول متأخرين لدفع أضرارها!
ما حدث فى محافظات الصعيد والبحر الأحمر فى مواجهة السيول لا يليق بنا أبدا، خاصة أنه كارثة مع سبق الإصرار والترصد، فالجميع يعلمون أننا سنواجه السيول فى هذا التوقيت، ويعلمون كذلك أننا فى أزمة مائية مستحكمة، كما يعلمون أننا فى أمس الحاجة إلى هذه الموارد المائية لدعم المشروعات الزراعية الطموحة التى ننوى البدء فيها ومنها مشروع المليون ونصف المليون فدان، فكيف لم يتحرك أحد فى الحكومة والأجهزة التنفيذية فى المحافظات لإنشاء المخرات والخزانات الكفيلة بحماية الناس وبيوتهم وتحويل الكارثة إلى موسم للخير؟!
هذا هو الفارق بين حكومة تؤدى ما عليها وتتصدى للأزمات وفق منهج علمى وتحول المصاعب إلى فرص للنجاح والتقدم، وبين حكومة موظفين بيروقراطيين يعملون يوما بيوم دون خطة ولا رؤية ولا حماس ولا حتى مسؤولية؟ لا نريد حكومة متكاسلة وعاجزة، نريد وزراء ومسؤولين يستطيعون أن يواجهوا الأزمات قبل حدوثها، وأن يستفيدوا أقصى استفادة من الموارد المتاحة والمتوقعة، بدلا من أن يهدروها، وهذا أضعف الإيمان فى هذه المرحلة!