أصبحنا للأسف لا نملك رؤية محددة ومكتوبة عن نقاط ديننا الأساسية
كل أمة وحضارة لديها نموذج معرفى وهو الرؤية التى تحكم تصرفات الإنسان فى الحياة، لتتحول إلى طريقة حياة، هو بمثابة النظارة التى يرى من خلالها الحياة، ويتكون من ست إلى سبع نقاط، تتمركز فى العقل الباطن، لأنها من الأساسيات، وإن كانت غير مرئية أو مكتوبة، إلا أنه من الضرورى معرفتها لحماية تفكيرنا وعقولنا، ورؤية أجيالنا لمكاننا فى العالم. فقد أصبحنا للأسف لا نملك رؤية محددة ومكتوبة عن نقاط ديننا الأساسية، فضاعت الفاعلية منه، وذهبنا لنموذج الغرب الفعال، الذى أصبح يفرض رؤيته علينا وعلى حياتنا اليومية.. فالنموذج المعرفى للغرب اتفقنا أو اختلفنا معه، واضح لديه دون التباس أو غموض، بعكس الحال لدينا.
وسنحاول أن نسلط الضوء على عدد من النقاط التى تمثل النموذج المعرفى، وتتمحور فى نحو 7نقاط، لنبين الفرق بين نظرتنا إليها، ونظرة الغرب إليها.
النقطة الأولى: من أين أتينا.. ماذا نفعل على هذا الكوكب «لماذا خلقنا».. أين نذهب بعد الموت؟
الغرب: لا أعرف.. أنا لا أعرف إلا الكرة الأرضية فقط.. أنجح لأكسب المال لأستمتع فى الدنيا. بينما المسلم: خلقنا الله لنعمر الأرض بالخير، لنحاسب بعد الموت، فمن أصلح يدخل الجنة. ولما كان لدى المسلم هذه الرؤية ظهرت حضارة رائعة، لكن هذه الرؤية ضاعت منا الآن، وتاهت الإجابة على السؤال: «لماذا خلقنا»؟.. فاختفى الإنتاج والعمل.. وأصبح خليطًا مشتركًا من رؤيتنا ورؤية الغرب معَا.. فرؤية الغرب هى أن المصلحة المتحكمة فى كل اختيار حتى لو كان منافيًا للقيم «بيوت المتعة الحرام»، أما الإسلام فلابد من عمل صالح.
النقطة الثانية: التكامل والتساوى
الغرب يؤمن فى رؤيته بالتساوى.. فالرجل والمرأة متساويان فى كل شىء، أما المسلم فيؤمن فى رؤيته بالتكامل.. كل له دور فى خلق الله له ليتكامل الرجل والمرأة.. الغرب يرفض «وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ»، «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ»، والذى هو تفضيل تكامل أدوار وليس تمييزًا عنصريًا. فلو درسنا جسد الرجل والمرأة.. عقل الرجل والمرأة.. والهرمونات وغيرها فسنجد أنه ليس كلها فيها تساو.. ابنتا شعيب ظلمتا بالتساوى.. والتساوى أنتج شذوذا.. التكامل سر طريقة توزيع الميراث.
النقطة الثالثة: المقدس وغير المقدس
فى الغرب لا يوجد شىء مقدس.. كل شىء نسبى متغير.. لا ثوابت.. لا إله.. إذًا لا قداسة، ليس لديه مشكلة فى الإساءة للأنبياء برسوم مسيئة.إما الإسلام فهناك مقدسات وهناك أمور نسبية، لابد أن نفهم الفرق، لأننا نرد عليهم بعنف أو بغضب دون فهم منطلقهم.
النقطة الرابعة: المادية والروحانية
الغرب: الحياة مادية بحتة.. الألم يعصر العالم كله.. المادية قتلت العالم.. المسلم: توازن بين المادة والروح.. وهذا يجعلنا ننجح أكثر، لكن هم لديهم «Ststem » متسق مع نموذجهم المعرفى.. هذا ما فعله المسلمون الأوائل أخذوا نموذجنا المعرفى وحولوه إلى برامج عمل وعلوم.
النقطة الخامسة: الحياة صراع أم تنافس
الغرب: الأصل فى جريان الحياة الصراع.. المسلم: الأصل فى جريان الحياة التنافس. القرآن: تدافع وليس صراعًا.. الكون صديق «ربى وربك الله»، الكون مسخر لنا «سخر لكم».. الغرب: قهر الطبيعة.. الكون العدو.. صدام الحضارات.. البقاء للأقوى.. تدافع وتنافس لابد من عدو فإذا لم يوجد نخترع عدو.. ضرورة اختراع عدو.. هذا ليس فكر الإسلام، لكن التيارات الإسلامية.. لجأت للصراع.. ارتدت جلباب الغرب.. عاشت نفس الأسلوب.. منهج الإسلام غير ذلك.
النقطة السادسة: النظرة للعلوم
الغرب: لا توازن بين الماضى والحاضر.. القديم ل اقيمة له.. فولكلور وليس علم.. المسلم: توازن بين الماضى والحاضر.. بين الأصالة والمعاصرة.. القرآن صالح لكل زمان ومكان. لا نرمى التراث كما ينادى البعض، لكن نبنى عليه ونفتحه ونترك غير المفيد. لا نقول إن الهدف من التفريق بين النموذجين هو إشعال الصراع مع الغرب وإلا نكون مثلهم، لكن الهدف تقديم رؤية عالمية ولا الهدف الأستاذية من باب «لقد جاءكم رسول من أنفسكم». فى سورة الكهف جاءت قصة «ذو القرنين»، لأنه جمع بين المادة والروح.. اخترع مادة وقوة.. هناك بعد مادى وجزء روحى.
المبدأ الأخير: لماذا خلقنا؟
يشمل كل ما سبق حياة.. ونفس.. ومع الله «إِنِّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً»، يختصر القرآن فى الفاتحة والنخلة فى التمرة.. لم يقل إنى جاعل آدم.. سماها بالوظيفة وليس بالاسم.. هو تشريف وتكليف.. صلح الأرض لأنك مسؤول عن تعميرها.. أنت خليفة فى أرض الله تعمل ولا تنتظر أى شىء من أحد.. صلح فى مجالك.. فالله خلقنى لكى أعمر فى الأرض وأصلحها وأسعد الناس لأدخل الجنة فى الآخرة.