الجيل المتدثر بعباءة ثورة 25 يناير لم يترك مجالا إلا ودمره
ونحن نعيش هذه الأيام أجواء أعظم انتصارات العسكرية المصرية، على الجيش الإسرائيلى المتحصن بخط بارليف الذى لا يقهر، فى 6 أكتوبر 1973، لابد من عقد المقارنة بين جيل ضحى بحياته وقدم روحه دفاعا عن الأرض والعرض والشرف، وبين جيل «فيس بوك وتويتر» الذى يعمل ليل نهار على تدمير البلد.
جيل أكتوبر 1973، كان يحمل مرارة نكسة 67، وظل 6 سنوات يتحمل أعباء وتبعات النكسة من انهيار فى كل شىء، واختفاء السلع الأساسية، ومع ذلك تحمل كل هذه المصاعب من أجل استعادة كبريائه وكرامته، وتحمل مليون و200 ألف ضابط وجندى بالقوات المسلحة المصرية، ووراءهم الشعب المصرى، مصاعب لا حصر لها.
وروى لى لواء مهندس من أبناء هذا الجيل العظيم الذى شارك فى الانتصار المجيد، كم كانوا يواجهون الجوع والعطش، فى ظل ظروف الحرب، وبُعد المسافة والمصاعب فى التنقل، فكانوا لا يتضجرون أو يتأففون من «أكل العيش بالسوس وشرب المية بالدود»، من أجل البقاء على الحياة لتحقيق الانتصار وإعادة ترميم الكبرياء المنهار بفعل نكسة 67، ولا يهم أن يموتوا بعد تحقيق هذا الحلم والهدف.
جاءنى صوته مغلفا بالألم والشجن على ما يراه الآن من مؤامرات ومحاولات إسقاط البلاد فى وحل الفوضى، وغرس البلاد فى مشاكل داخلية حقيقية، فاستيقظ الشعب على بناء سد النهضة، وسيطرة الجماعات المتطرفة على سيناء، وتهديد حقيقى من داعش على الحدود الغربية، وتهديد فى الجنوب، ونظرا لهذا الاستغراق الشديد فى المشاكل الداخلية، تأثر الأمن القومى العربى بشدة، فانهارت سوريا وليبيا والعراق واليمن، وفى الطريق لبنان، وهناك تهديد حقيقى على أمن وأمان دول الخليج، وأصبحت إسرائيل وإيران وتركيا لاعبين حقيقيين فى المنطقة، وينفذون مخططاتهم وأطماعهم التوسعية.
إسرائيل تراها فرصة حقيقية لتنفيذ مشروع «إسرائيل الكبرى» من النيل للفرات، وإيران تراها فرصة ذهبية لتحويل الخليج العربى، إلى خليج فارسى، وابتلاع دول الخليج بجانب العراق، كما يرى مهبول إسطنبول «أردوغان بن جولفدان» أن الأوضاع الحالية وانشغال مصر بمشاكلها الداخلية، فرصة سانحة لإحياء الخلافة العثمانية.
نعم نعيش جيلاً لا يمت للوطنية والانتماء بصلة، ولديه المفاهيم مشوشة، ولا يعتنى بفقه الأولويات، وأنه لا يمكن أن يحقق أحلامه وطموحاته فى بلد منهار، وأن أمن وأمان واستقرار الوطن، العامل الجوهرى، وما دونه عامل آخر، يمكن أن يحقق الأمانى والأحلام، والعيش بكرامة وكبرياء، وليس بالهجرة إلى المجهول عبر البحار، أو باستدعاء الخارج للتدخل فى الشأن الداخلى.
جيل «فيس بوك وتويتر»، الذى يتدثر بعباءة ثورة 25 يناير، لم يترك مجالا إلا ودمره، من السياسة للاقتصاد للرياضة والفن، فزادت فتاوى التكفير السياسى، وانقسم المجتمع على أنفسه إلى جماعات وحركات وأتباع، كل يكفر الأخر، ويلصق به الاتهامات الخطيرة.
انهار الاقتصاد فأغلقت المصانع، ودُمرت السياحة، وملايين العاملين تم تشريدهم، وعاد الملايين من العاملين فى ليبيا والعراق ودول الخليج، وزادت الأعباء، وحدثت أزمات خطيرة من كهرباء، ونقص شديد فى الوقود، واختفاء للدولار، وساهموا بكل قوة فى تمكين الجماعات والتنظيمات الإرهابية من البلاد ليعيثوا فيها فسادا وقتلا وحرقا وتدميرا.
ومازال يمارس دوره بنجاح منقطع النظير فى التخريب والتدمير والدعوات لمظاهرات وثورات لإسقاط البلاد فى وحل الفوضى، وتمكين كل الأعداء منها، وإذا كنا قد استيقظنا بعد 25 يناير على بناء سد النهضة وسيطرة داعش على سيناء، فربما نستيقظ يوما على ما هو أسوأ، على يد جيل المناضلين خلف الكيبوورد وعبر مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر».
ولك الله يا مصر..!!