قال الرئيس السودانى عمر حسن البشير، أن الاجتماعات المشتركة بين مصر والسودان تظهر مدى رغبة البلدين فى تعزيز فرص التعاون والتواصل بينهما، ويؤكد الخصوصية التى ميزت دوما العلاقة بين البلدين الشقيقين.
وأعرب البشير، خلال افتتاح الدورة الأولى للجنة العليا المشتركة بين مصر والسودان على المستوى الرئاسى بقصر الاتحادية اليوم الأربعاء، عن ترحيبه باسمه وباسم حكومة وشعب السودان عن بالغ سعادته بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وما لمسه من دقة فى الترتيب والتنظيم فى هذه الاجتماعات المهمة على مستوى اللجان العليا بين البلدين وعلى مستوى الرئاسى.
وأضاف الرئيس البشير: "أرجو أن أعرب عن سعادتى بأن نكون ضيوفا على بلدكم وهو يحتفل بنصر السادس من أكتوبر والذى لا يمثل نصرا لمصر فقط وإنما لقضية العرب ولشعب السودان على الخصوص الذى سالت دماء أبنائه على ضفتى القناة صون لمصر وعزتها وكرامة الأمة العربية".
وقال الرئيس السودانى، إن عقد اجتماعات آلية التعاون المشترك بين البلدين يعد تطورا حميدا وإيجابيا، وأكده اجتماع القمة السابق بالقاهرة وهو إجراء يجلى رغبة البلدين المشتركة فى تعزيز فرص التعاون والتوصل بينهما، ويؤكد الخصوصية التى ميزت دوما علاقة السودان بمصر، لذلك وجب علينا أن ننظر إليها بتطلع واهتمام كبيرين، عاقدين العزم والآمال أن تخرج بالنتائج المرجوة، تلبية لرغبات الشعبين وتطلعهما لعلاقات متميزة وفريدة وتعاون بناء.
وتابع الرئيس السودانى: "إننا أمام رصيد كبير من اللجان المشتركة المتخصصة والتى بلغت 31 لجنة تدلل بجلاء على أهمية علاقات البلدين وتشير إلى قيمة كل لجنة فى القطاع الذى يمثلها وما يمكن أن يؤدى إلى مردود وقوة دفع لمسيرة العلاقات البلدين إذا ما أحسنا الخطط والبرامج التنفيذية، وأحكمنا آلية التنسيق والمتابعة لها، ووفرنا متطلبات التنفيذ من رعاية وتقييم وتقويم لمساراتها المختلفة، وأين نجحت وما هى إخفاقاتها وما تواجهه من صعوبات من أجل تذليلها".
وأوضح البشير أن ذلك يقودنا إلى أن ننظر بعمق فى آليات التعاون المشترك القائمة واللجان الرئاسية الحالية، وأن نعمل ما نرجوه منها من غايات وأهداف بصورة أكثر اتساقا لمؤسسة الرئاسة فى البلدين لما تستحقه من اهتمام ورعاية.
وأشار إلى أننا اليوم أكثر عزما على مواجهة التحديات فى مسيرة تعاوننا المشترك وأن نجد الأطر والسبل ما يؤسس لعلاقات سياسية واقتصادية على الصعيد الثنائى نملك أدواتها ومطلوباتها قوامها هذا الإرث الكبير والرصيد الكبير فى تاريخنا والاحترام المتبادل للسيادة والخصوصية التى تحيط بكل بلد.
وأكد البشير، على ضرورة العمل على تبادل المنافع من خلال مشروعات ضخمة مدروسة ومحددة تطرح الأفكار والخطط والبرامج والمدى الزمنى لها من قبل الوزارات المختصة فى البلدين لتكون هى اللبنة الحقيقية من أجل تجاوز المواقف والمحطات الراهنة والتعاون الاقتصادى يصوب نحو رفع المعاناة عن كاهل مواطنينا وإنعاش حياتهم ورفاهياتهم، بما يقود إلى تكامل استراتيجى ومشروعات ربط عظيمة الجدوى ومردود سريعة الأثر والتفاعل تكفل الاستدامة والاستقرار، مشيرا إلى أنه لا تنقصنا القدرات ولا الكفاءات للوصول إلى هذه الغاية.
وقال: إن افتتاح معبرى "اشكيت - قسطل" خلال العام المنصرم و"أرقين" بالأمس القريب، يأتى كجسور ذات قيمة وأثر كبير للتواصل الحميم والتعايش السلمى والمجتمعى الذى ظل يزين حياة الشعبين عبر تاريخهم الطويل.
وأعرب البشير عن قناعته أن هذه المعابر لها فوائد مستقبلية كبيرة تتجاوز البلدين إلى الانفتاح الموجب تجاه إقليمها الإفريقى وامتداداتها العربية إلى أوروبا وغيرها من التجارب الشجاعة الرائدة والتى يتوجب علينا رعايتها وتطويرها ودعمها والمواكبة لكى تؤدى مهامها فى سهولة ويسر وتفى بالأغراض المرجوة منها خلوصا إلى استكمالها.
وأكد الرئيس السودانى، على أهمية الدفع المشترك لإنفاذ اتفاقية الحريات الأربعة الموقعة بين البلدين كخطوة لازمة ترفع الحواجز أمام التواصل الشعبى وتزيل الصعاب والعوائق أمام مواطنى البلدين.
وقال البشير: "يسعدنى أن أنقل لكم وعبركم للشعب المصرى الشقيق تحيات أشقائكم فى السودان وهم يستشرفون مرحلة جديدة فى تاريخنا بانعقاد مؤتمر الحوار الوطنى فى 10 أكتوبر الجارى، بعد حوار معمق شمل الغالبية العظمى من القوى السياسية فى السودان، تناول بالبحث والتمحيص أهم القضايا التى تهم بلادنا فى السياسة والحكم والاقتصاد والأمن والاجتماع وغيرها، فى جو حر توافقت فيه هذه القوى على توصيات ستخرج بلادنا إلى بر الأمان".
وأشار البشير، إلى أن علاقات البلدين تعتبر محط أنظار واهتمام الكثيرين فى جوارنا والإقليم والعالم من حولنا، وهذا أمر محمود فى ذاته ومحسود فيما نواجه من ضغوط وأزمات تصنع باتجاهنا وقرارات أمنية جائرة تؤثر على أمننا وراحة شعوبنا واستقرار بلدينا.
وأوضح أن كل هذا وغيره يدعونا إلى تعظيم التعاون الثنائى فيما بيننا بأطر وآليات عملية وواقعية محكمة تحقق منظورنا الكبير لأمننا الاستراتيجى الشامل والمشترك والتوصل إلى تفاهمات وتقارب يساعد فى حل العقد البينية بتقديرات مرضية للطرفين تعظم المصالح المشتركة وتنأى عن الاستغلال والمزايدات وإيجاد أنجح السبل لمخاطبة مشاكل الإقليم والمنطقة العربية والأفريقية بحلول مشتركة تستصحب كل الرؤى وتجد القبول والتعاون والتفهم للآخرين.
وأكد أن الدولتين فى حاجة مثلى لإحكام آليات التنسيق المشتركة فى المنظمات الإقليمية والدولية والمساندة وتبادل الدعم فى المواقف المتصلة بقضايانا واهتماماتنا الملحة على أعلى المستويات.
وأضاف: "بلدينا بخلاف مواجهتهما لتحديات البناء والإعمار فى الداخل يجابهان تحديات السعى المشترك لإشاعة السلام والاستقرار فى محيطنا، ومن هذا المنطلق فإننا نؤمن بأهمية وضرورة تضافر جهود كل دول الجوار لحل المشكلة فى ليبيا وتعزيز قدرة الحكومة المعترف بها دوليا إثر اتفاق "الصخيرات"، والعمل معا على تعزيز التقارب والتوافق بين مكونات الشعب الليبى العظيم".
وأكد البشير أن السودان ومصر يشيدان بجهود دولة الكويت إزاء المشكلة اليمنية، وعلى نحو يعزز الشرعية فى ذلك القطر الذى ندعمه بالغالى والنفيس.
وتابع: "لقد كانت مشاركاتنا فى عاصفة الحزم ترجمة لذلك الالتزام، وفى هذا السياق فإن أمن المملكة العربية السعودية خط أحمر لن نسمح بالمساس به".
من ناحية أخرى، هنأ البشير المملكة العربية السعودية على تنظيم موسم الحج بشكل متميز بفضل الرعاية والعناية المتميزة التى ظلت المملكة العربية السعودية توفرها دوما لضيوف الرحمن، مدينًا كل من يشكك بالتقليل أو الانتقاص من ذلك الدور.
وفى الشأن السورى قال الرئيس السودانى: إن بلاده تعمل على أن تكلل الجهود المبذولة عربيا بما يحقق الاستقرار لشعب سوريا ووحده أراضيها وشعبها من خلال حل سلمى للنزاع فى القطر الشقيق، معربا عن يقينه بأن المنطقة والعالم يواجه وضعا استثنائيا تجاه أمنه واستقراره يتمثل فى الإرهاب الذى يضرب العديد من الدول، الأمر الذى يستوجب حلولا عاجلة لمواجهاته والتصدى له مع مراعاة بحث مسبباته ودوافعه وصول لاجتثاثه من جذوره بما يؤمن العيش الأمن والمستقر للبلاد التى تجتاحها موجة الإرهاب.
وأكد البشير، على أهمية إيجاد حلول ناجحة لأحد أبرز السلبيات وهى الهجرة غير الشرعية، وما أفردته من إشكالات دولية وممارسات داخلية على مجتمعاتنا، أهمها الاتجار بالبشر بصورة بشعة.
وأشار إلى أن السودان تسعى إلى تعزيز السلام والاستقرار فى القارة الإفريقية، ودعم جهود الاتحاد الإفريقى، ودول القارة ثنائيا وجماعيا لتعزيز السلام، وتحقيق التنمية المستدامة، وإزالة الفقر، ومكافحة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، فى إطار الاهتمام العالمى بهذا الأمر، الذى لم يعد أمرا مناخيا صرفا، وإنما تعددت تبعاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف أن السودان تتطلع فى هذا الإطار أيضا إلى النجاح الكامل للقمة العربية الإفريقية المرتقبة التى ستعقد فى نوفمبر القادم بغينيا الاستوائية، كما تتطلع لإجراء مباحثات أخوية هادفة وصادقة، تحقق نوايانا وتنقذ مستقبلنا من واقع ما يحاط ويجرى إقليميا ودوليا، وينطوى على إرادة ونوايا صادقة ومخلصة تضع علاقات السودان ومصر فى المصاف التى ننشدها على الصعيد الثنائى خاصة والإقليمى والدولى عامة.
واختتم البشير كلمته بتوجيه الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى والوزراء والمختصين فى مصر، متمنيا لهذه الدورة الرئاسية مداولات مثمرة ونهائيات موفقة تحقق طموحات الشعبين الشقيقين وتجسد رغبتهما، كما وجه الشكر لشعب مصر.
وكان الرئيسان عبد الفتاح السيسى وعمر البشير قد ترأسا ظهر اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين مصر والسودان، بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، وذلك بعد أن تم ترفيعها إلى المستوى الرئاسى، بعد أن كانت تعقد برئاسة رئيس مجلس الوزراء المصرى والنائب الأول للرئيس السودانى.
وناقشت اللجنة العليا المشتركة توسيع التعاون بين مصر والسودان فى مختلف المجالات، وتفعيل اتفاقيات وبرامج التعاون المبرمة بين البلدين فى مجالات زيادة التبادل التجارى والاستثمارى، والزراعة والرى والصناعة والتعليم والنقل والاتصالات والتعليم والتدريب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة