فى انتصار السادس من أكتوبر تجلت مظاهر التضامن العربى مع مصر فى أبهى صورها وتجسدت فكرة القومية العربية ربما للمرة الأولى بعد قمة الخرطوم الشهيرة، عقب هزيمة يونيو التى أنهت الخلافات العربية، وأعلن القادة العرب وقوفهم إلى جانب الشقيقة الكبرى بكل السبل، بالمال والسلاح. أحد أسباب النصر الذى تحقق هو توحد العرب واعتصامهم جميعا بهدف واحد هو تحرير الرد ورد الاعتبار فى معركة الشرف والكرامة.
لم تتخلف دولة عربية واحدة من المحيط إلى الخليج عن المشاركة والدعم ولو بصورة رمزية تعبيرا عن التضامن مع مصر.. المشاركات والمواقف معروفة، وهناك من القادة العرب بأنفسهم فى المعركة مثل الرئيس السودانى عمر البشير الذى شارك فى الحرب، عندما كان ضابطا صغيرا فى لواء المشاه السودانى والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبى، وكان ضمن أول فوج عبر قناة السويس وحصل على نجمة العبور. وكانت ليبيا أرسلت لواء مدرع إلى مصر، وسربين من الطائرات سرب يقوده، قاده مصريون وآخر ليبيون، تم سحبهم إثر خلاف بين القيادة المصرية والليبية، كما تطوع الكثير من أبناء دول الخليج العربى من بينهم الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات.
وبالأمس اتصل بى الإعلامى التونسى الصديق عبدالحميد الدبار، مهنئا بذكرى الانتصار العظيم وأرسل لى صورة الضابط التونسى العميد عبدالعزيز سكيك قائد القوات النوسية التى أمر الرئيس التونسى الراحل الحبيب بورقيبة بإرسالها إلى مصر، عقب اندلاع الحرب مباشرة، وجاءت إلى مصر كتيبة تتألف من 1200 جندى استقرّوا فى منطقة «دلتا النيل»، لحماية ظهر القوات المصرية المتقدمة فى عمق سيناء. وحسب المعلومات التى أرسلها لى الصديق عبدالحمد الدبار فقد تحركت القوات التونسية إلى الدفرسوار بعد حدوث ثغرة للمشاركة فى محاصرة قوات العدو الصهيونى بقيادة شارون وقتها، وأظهر الجنود التونسيون بشهادة الضباط المصريين شراسة استثنائية فى القتال، حيث تمكنوا أكثر من مرة من صد توغلات للعدو الإسرائيلى، إضافة إلى نسف عدد من المدرعات وكانت هى القوى العربية الوحيدة التى قامت بإنزال بحرى فى سيناء. وبعد سنوات طويلة من الحرب استشهد الجنرال عبدالعزيز سكيك فى حادثة هليكوبتر عسكرية عام 2002 التى سقط فيها 13 من القيادات العليا للجيش الوطن. كما أن السفارة المصرية فى تونس كرمت عددا من الأشقاء الذين شاركوا فى الحرب.
6 أكتوبر 73 لم تكن نصرا عسكريا فقط على إسرائيل، وإنما كان تجسيدا لشعار أمة عربية واحدة فوق أرض المعركة.