على الرغم من المخاوف التى صدرها البعض من اعتماد الولايات المتحدة الأمريكية لقانون العدالة ضد الإرهاب المعروف اختصارا بـ (جاستا) والذى قد يمنح ذوى الأمريكان من ضحايا 11 سبتمبر حق مقاضاة الدول التى شارك أفراد منها فى تلك الأحداث، إلا أننى أؤكد القانون قد يكون فرصة لكثير من الدول فى العالم التى تضرر الملايين بها من بلطجة الإرهاب الأمريكى، مثل (العراق، وأفغانستان، وسوريا، وليبيا، واليابان، وفيتنام) لاستغلال الأمر لاستصدار قوانين مماثلة، من مبدأ (المعاملة بالمثل) الذى يحكم العلاقات الدبلوماسية فى العالم، وطلب كل الأفراد الذين تضرروا فى تلك بمقاضاة الدولة الأمريكية على ما ارتكبته من جرم فى حق الملايين فيها .
وهو ما حذر منه قادة فى الجيش والاستخبارات الأمريكية، وحذر منه أوباما شخصيا بالحرف الواحد قائلا: (إذا أفسحنا المجال أمام أفراد أمريكيين لمقاضاة الحكومات، فإننا سنفتح الباب أمام مقاضاة الولايات المتحدة من قبل الأفراد فى بلدان أخرى) مؤكدا أن القانون يشكل مصدر قلقٍ كبيرٍ للدول ويضعف من (حصانتها السيادية) باعتباره المبدأ الذى يحكم العلاقات الدولية منذ مئات السنين .
ولعل الغريب فى القانون، أن الأمريكان نظروا إلى الأمر من نظرة أحادية الجانب، دون التفكير فى أن للدول سيادة، ومن حقها أن تصد قوانين مماثلة تقتص بموجبها من الحكومة الأمريكية ذاتها، التى ارتكبت مجاز فى كثير من الدول ، فى حين أنها تصر على تحميل دول مسئولية تصرفات أفراد .
حيث اعتبر القانون ، أن "الإرهاب الدولى" يعتبر مشكلة خطيرة تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية، وكأن أمريكا فقط هى من تعانى من الإرهاب، ويؤثر سلباً على حركة تجارتها الداخلية والخارجية فيها، وينسف استقرار السوق، ويضيق على حركة سفر المواطنين الأمريكيين إلى خارج البلاد، وعلى قدوم الزائرين الأجانب اليها .
ووفر القانون للمتقاضين المدنيين تماشياً مع دستور الولايات المتحدة الحصول على تعويض من الأشخاص والجهات والدول الأجنبية التى قامت بتقديم دعم جوهرى، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لأفراد أو منظمات تعتبر مسئولة فى أنشطة إرهابية ضد الولايات المتحدة.. وهو ما لا يجعل هناك دولة أجنبية محصنة أمام السلطات القضائية الأمريكية ، فى أى قضية يتم المطالبة فيها بتعويضات مالية من دولة أجنبية، نظير إصابات مادية تلحق بأفراد أو ممتلكات أو حالات وفاة تحدث داخل أمريكا، تنجم عن فعل إرهابى، ومنحت المواطن الأمريكى حق تقديم دعوى ضد أى دولة أجنبية، بموجب المادة 4 من القانون، بعد تعديل الفصل (2333) من المادة (18) من القانون الأمريكى الخاصة بـ (الحصانة السيادية للدول الأجنبية)
كما منح القانون المحاكم الأمريكية سلطة قضائية حصرية للبت فى أى قضية ضد دولة أجنبية، ومنح المدعى العام الأمريكى والمحاكم حق وقف الدعوى، إذا ما شهد وزير خارجية الدولة المدعى عليها، أن الولايات المتحدة تشارك بنية حسنة مع الدولة للتواصل إلى حلول للدعاوى، على أن يكون ذلك خلال 180 من إقامة الدعوى.
أى أن الأمر برمته لا يخرج عن ابتزاز وبلطجة جديدة تمارسها أمريكا ضد دول العالم.
ولعل السؤال الذى يطرح نفسه الآن، أليس القانون الأمريكى فرصة للمعاملة بالمثل من جانب دول مثل (العراق، وأفغانستان، وسوريا، وليبيا، وفيتنام، واليابان) وغيرها من الدول التى فقدت الملايين من أبنائها فى الغارات الأمريكية، ومازالت تعانى من انتشار السرطانات، وملايين الأطفال المشوهين بسبب اليورانيوم المنضب والأسلحة المحرمة دوليا، التى أمطروا بها مساحات شاسعة فى تلك الدول؟
أعتقد أن قانون العدالة ضد الإرهاب (جاستا) قد يكون فرصة لتلك الدول للانتقام من بلطجة الأمريكان، وإقرار مبدأ المعاملة بالمثل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة