أخيرًا، وبعد انتظار استمر 29 شهرا أصبح للبنان رئيسًا ورأس دولة بعد أن ظل البلد العربى الصغير بلا رأس ورهين صراعات وتعقيدات وتشابكات خريطة سياسية لا وجود لها إلا فى لبنان فقط.
الرئيس الجديد العماد ميشيل عون يأتى بعد مخاض سياسى صعب، وكاد أن يكون مستحيلاً للتوصل إلى توافق بين فرقاء السياسة فى لبنان، وبعد فشل 45 جلسة لمجلس النواب اللبنانى لانتخاب رئيس خلفًا للرئيس السابق ميشال سليمان الذى انتهت ولايته فى مايو 2014، انتخاب عون كان صعبًا للغاية، لأنه، وفقا للدستور اللبنانى، يجب أن يكون الرئيس مسيحيا مارونيا، والمنافسة مع سمير جعجع لم تكن سهلة والتوافق على عون جاء فى الأمتار الأخيرة بين كل القوى، وبـ65 صوتا فقط من إجمالى 128 عضوا بالبرلمان.
التقلبات والتنقلات فى المواقف السياسية اللبنانية هى التى حسمت اختيار الرئيس، وجاء إعلان سعد الحريرى، رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق ورئيس تيار المستقبل، قبل أسبوع، عن دعمه لترشيح خصمه العماد ميشال عون لرئاسة البلاد، الحريرى لم يجد أمامه بدًّا فى ظل الأوضاع السياسية والأمنية فى المنطقة التى دائما ما يدفع لبنان ثمنها السياسى والأمنى أيضًا، من ضرورة ما وصفه بأهمية التوصل إلى «تسوية سياسية» خوفًا على لبنان.
الفرقاء والمتصارعون فى لبنان اجتمعوا على انتخاب عون بمن فيهم حزب الله رغم رفض تيارات سياسية أخرى رأت أن موقف الحريرى وراءه غموض وأسباب غير واضحة فى التحول المفاجئ، وهو ما قد يكون له تأثيرات سلبية مستقبلية على المسار اللبنانى القادم.
المعارضون لقرار الحريرى بالتوافق مع عون، زعيم التيار الوطنى اللبنانى الحر، ومنهم نبيه برى، رئيس البرلمان ورئيس حركة أمل الشيعية، وحليف حزب الله، ورئيس كتلة تيار المستقبل فى البرلمان، ورئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، ووزير الاتصالات بطرس حرب، يعدون موقف الحريرى تحولا مثيرا ولافتا وخروجا من العباءة السعودية، لأن عون له ميل سياسى تجاه سوريا ومؤيدة له، وبدا ذلك فى تصريحات أخيرة له وهو ما يصب فى الركن الإيرانى الخصم السياسى الكبير للمملكة، ولعدد كبير من الدول العربية والخليجية بشكل خاص. انتهى انتخاب الرئيس اللبنانى دون وجود سوريا فى المشهد السياسى اللبنانى لأول مرة، لكن يظل السؤال المزمن محلقا: هل تنتهى أزمة «الحلزونة» السياسية فى لبنان بانتخاب عون، وما شكل الخريطة المقبلة بعد موقف الحريرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة