فاز ترامب برئاسة أمريكا، كسرًا لتوقعات كثيرة رأت أن هيلارى كلينتون تجلس على مقعد الرئاسة منذ فترة، وكالعادة وبعد كل انتخابات أمريكية تتسابق الاجتهادات والتنبؤات حول سياسة الرئيس الجديد، وموقع منطقة الشرق الأوسط بقضاياه الملتهبة لديه والعلاقة مع إيران ودول الخليج، ومع التهاب المنطقة بالإرهاب الأسود وأزمات مثل سوريا واليمن تضاربت التكهنات حول طريقة تعامل «ترامب» معها.
تقوم التحليلات فى جانب منها على تصورات مسبقة حول الانتماء الحزبى للرئيس الجديد، أى ديمقراطى أم جمهورى، وتأثير ذلك على النظرة لقضايا المنطقة وطريقة التعامل معها، غير أننى أدعو الجميع إلى التمهل وعدم التورط فى تنبؤات لا يتحقق منها شىء، كالحديث عن علاقات أمريكا مع روسيا وإيران والسعودية ومصر وتركيا، وأدعو الجميع إلى العودة لعام 2009 مع انتخاب أوباما، ومراجعة التحليلات التى سادت فى مصر والمنطقة حول دلالة صعود رئيس من أصول إسلامية إلى رئاسة أمريكا، ومضت معظم هذه التحليلات فى تطرفها درجة بعثت إلى الاعتقاد بأن عندنا من أصبح يعتقد بأن أمريكا أصبحت لنا، وأدعو الجميع إلى مراجعة ما قيل وقت مجىء أوباما إلى مصر وخطابه فى جامعة القاهرة، والمعركة التى شنها الكاتب والإعلامى عادل حمودة ضد محمد حسنين هيكل بسبب فطور أوباما وما إذا كان تناول «طعمية» أم لا؟ وعبرت هذه الحالة وقتها عن نظرتنا نحن بالتمنى إلى رئيس أمريكا الجديد، ولم يحدث من هذا التمنى شيئا، وهاهو أوباما يغادر البيت الأبيض وإسرائيل فى أفضل أحوالها تاريخيا، وهاهى المنطقة تتمزق.
ولأن آفة النسيان تطاردنا، لا نتذكر الآن ما حدث من سرعة فى التحليل والتنبؤ مع أوباما، ويحدث الآن ما حدث من قبل، ففور الإعلان عن فوز ترامب خرجت التحليلات التى ترسم شكل المنطقة فى المستقبل، وتضاربت الرؤى ما بين جعلها سوداوية على أصحابها «أى نحن» وما بين تفاؤل مفرط يقوم على تأييد ترامب لكل أجندتنا ضد الإرهاب.
بين الآراء المتفائلة بـ«ترامب» والأخرى المحبطة منه، تبقى إسرائيل هى الحقيقة الوحيدة والثابته على أجندة أى رئيس أمريكى جديد، فهى الفائز الدائم والثابت مع أى رئيس أمريكى جديد، ويبقى ربحها الأكبر هذه المرة فى أنه لا أحد من العرب يتحدث عن القضية الفلسطينية، وبالتالى فإن مكاسبها الآن تتعاظم على كل الأصعدة.